للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حزم:

الله -تعالى- لا في مكان ولا في زمان أصلاً وهو قول الجمهور من أهل السنة!!، وبه نقول، وهو الذي لا يجوز غيره لبطلان كل ما عداه؛ ولقوله تعالى {ألا إنه بكل شيء محيط} فهذا يوجب ضرورة أنه تعالى لا في مكان، إذ لو كان في المكان لكان المكان محيطاً به من جهة ما أو من جهات، وهذا منتف عن الباري تعالى بنص الآية. (١)

ب) الجهمية الحلولية:

وهم القائلون بالحلول العام (٢):

والمعنى أن الله بذاته في كل مكان، ونفوا كونه على عرشه، وهذا المذهب قد غلب على عُبَّادهم وصوفيتهم وعامتهم، وقال به النجارية من المعتزلة. (٣)

* ومن شبهاتهم في هذا الباب:

١ - قوله تعالى: (وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ) (الأنعام: ٣)

٢ - قوله تعالى: (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ) (المجادلة: ٧).

٣ - قوله تعالى: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ (٤)) (الحديد: ٤)

* تنبيه:

يُلحق بالجهمية الحلولية في هذا الباب " المتصوفة الحلولية ":

وهم القائلون بحلول الله في كل مكان، وقد ذكرهم شيخ الإسلام ابن تيمية، والرازي أيضًا


(١) الفصل في الملل والأهواء والنحل (١/ ٣٨٣)
(٢) وإنما ذكرنا مصطلح "الحلول العام " تمييزاً له عما يعرف بـ " الحلول الخاص ":
وهو قول النسطورية من النصارى ومن نحا نحوهم ممن يقول: إن اللاهوت حل في الناسوت. فمصدر هذا القول إنما هو من النصارى، ولكن دخل في الإسلام بواسطة الرافضة الغلاة الذين قالوا: إن الله حل بعلي بن أبي طالب وأئمة أهل بيته، كما قال به الصوفية المنتسبة إلى الإسلام الذين يقولون بأن الله حلَّ في الأولياء.
وانظر الشرك في القديم والحديث (ص/٨٤٠)
(٣) وقد أبان شيخ الإسلام ابن تيمية أن قول نفاة المكان هو قول خاصة الجهمية، وقول الحلول قول عامتهم، وقال في بيان علة التفريق:
" ولهذا كان العامة من الجهمية إنما يعتقدون أنه في كل مكان، وخاصتهم لا تظهر لعامتهم إلا هذا، لأن العقول تنفر عن التعطل أعظم من نفرتها عن الحلول، وتنكر قول من يقول: إنه لا داخل العالم ولا خارجه، أعظم مما تنكر أنه في كل مكان، فكان السلف يردون خير قوليهم وأقربهما إلى المعقول، وذلك مستلزم فساد القول الآخر بطرق الأولى. " انظر درء تعارض العقل والنقل (٦/ ١٥٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>