للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* فإن قيل:

قد استشكل بعض المتكلمين المتأخرين ذلك وقالوا:

إن السلف وقع في كلامهم مادة من التأويل، وذلك في مسألة المعية، حيث قالوا في آيات المعية أنها معية علم!!

وجواب ذلك:

ظن المتكلمون أن هذا من باب التأويل، والأمر ليس كذلك؛ لأن التأويل باصطلاح أصحابه خروج عن المعنى الظاهر إلى المعنى الخفي لقرينة، أو خروج من حقيقة الكلام إلى مجازه، وآيات المعية ليس فيها خروج عن الحقيقة إلى المجاز؛ لأن هذا هو المتبادر إلى الذهن.

*وإذا ما تنزلنا بأن هذا تأويل، فهنا أمران:

١) لو كان تأويلاً فما نحن تأولنا، وإنما السلف الذين وجب اتباعهم؛ فإن ابن عباس والضحاك ومالكاً وسفيان وكثيراً من العلماء قالوا في قوله {وهو معكم} أي علمه. ثم قد ثبت بكتاب الله والمتواترعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع السلف أن الله - تعالى - في السماء على عرشه، وجاءت هذه اللفظة مع قرائن محفوفة بها دالة على إرادة العلم منها وهو قوله {ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض} [المجادلة ٧]

ثم قال في آخرها {أن الله بكل شيء عليم} فبدأها بالعلم وختمها به ثم سياقها لتخويفهم بعلم الله -تعالى - بحالهم، وأنه ينبئهم بما عملوا يوم القيامة ويجازيهم عليه.

٢) التأويل هو المعنى المجازي للسياق، باصطلاح أهل التأويل، فما هو المعنى الحقيقي للسياق الذي خرجنا عنه؟

سيقال أن المعنى الحقيقى هو القول بالمعية على ظاهرها كما هو قول أهل الحلول والإتحاد، لأنه ظاهر السياق، وهذا مما لا يقال به لغة ولا عقلاً، بل المتبادر عقلاً والممكن عقلاً أن معية الله - سبحانه وتعالى- إنما هى معيتان:

أ) معية عامة:

وهى معية العلم، كما في قوله تعالى (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ) (الحديد/٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>