للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* والجواب:

هذا يلزم عليه: أنّ النّبيّ- صلى الله عليه وسلم - لم يُدْخِل النّاس في الدّين إلَّا بالكذب المحض ـ والعياذ بالله ـ! وأنّهم عرفوا الحقّ من عند أنفسهم، لا من الرسول صلى الله عليه وسلم.

وأنّ الرسول- صلى الله عليه وسلم- لم يُبيّن للنّاس ما نُزّل إليهم؛ بل غشّهم وكتم عنهم ما فيه هدى ونور لهم! فأيّ كفر أعظم، وأيّ مصيبة أطمّ، وأيّ ذنب أقبح، وأيّ بلاء على الإسلام والمسلمين أعمّ من هذا؟!

ومن ذلك قولهم:

إنّ الرّسول - صلى الله عليه وسلم- أقرّ الجارية على قولها موافقة لها على عقلها؛ لأنّ عقلها يقصر عن معرفة أدِلّة النّظر!

فيُقال لهم:

هل أقرّها - صلى الله عليه وسلم - على حقّ أم باطل؟ فإن كان الأوّل:

فقد ارتفع النّزاع، ولزم أن تُجيبوا مَن سألكم بـ «أين الله؟» بقولكم: في السّماء، وتشهدون له بالإيمان، ونحن نراكم تُضلّلون وتكفّرون مَن سأل عن الله بـ «أين؟»، والمجيب له بأنّ: الله في السّماء.

وإن كان الثّاني:

لزمكم القول بما ألزمنا سابقًا من أنّه صلى الله عليه وسلم كان يقرّ النّاس على الكفر! بل يتكلّم بما ظاهره كفر صراح من غير أن يؤوّله لهم! وهل الكفر الذي ما فوقه كفر إلَّا مثل هذا؟! وهل ثَمّ تنقيص لرتبة النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أعظم ولا أحطّ قدرًا من هذا؟! (١)

* ومما ورد في تحريف حديث الباب:

أن حكمه صلى الله عليه وسلم بالإيمان للجارية لما أشارت إلى السماء، فقد انكشف به أيضاً إذ ظهر أن لا سبيل للأخرس إلى تفهم علو المرتبة إلا بالإشارة إلى جهة العلو، وكان النبي- صلى الله عليه وسلم- يظن أنها من عبدة الأوثان فاستنطقت بمعبودها"

فعرّفت بالإشارة إلى السماء أن معبودها ليس من الأصنام!! (٢)

والجواب أن يقال:

أولاً: ما ورد أن الجارية كانت خرساء، وأنها أجابت بالإشارة فهذا مما لا يصح سنده.

ثانياً: أن النبي - صلى الله عليه وسلم- سألها عن الله، ولم يسألها عن معبودها، ثم إن السؤال لو كان


(١) الكَشْف المُبْدِي لتمويه أبي الحسن السُّبكيّ (ص/٢١٦)
(٢) نص عليه الغزالي في الاقتصاد في الاعتقاد (ص/٣٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>