للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢) الصنف الثاني:

هم الذين فرَّقوا بين الصلاة والزكاة، فأقروا بالصلاة وأنكروا وجوب أداء الزكاة إلى الإمام بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد كانوا في ذلك متأولين أن قوله تعالى} خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) خطاب خاص للنبي - صلى الله عليه وسلم - دون غيره، وأنه مقيد بشرائط لا توجد فيمن سواه؛ وذلك أنه ليس لاحد من التطهير والتزكية والصلاة على المتصدق ما للنبي صلى الله عليه وسلم، وفي أمر هؤلاء عرض الخلاف ووقعت الشبهة لعمر رضي الله عنه.

فأما هؤلاء فهم مقيمون على أصل الدين وهم أهل بغي، ولم يسمُّوا على الانفراد كفاراً، وإن كانت الردة قد أضيفت إليهم لمشاركتهم المرتدين في منع بعض ما منعوه من حقوق الدين؛ وذلك أن الردة اسم لغوي وكل من انصرف عن أمر كان مقبلاً إليه فقد ارتد عنه. (١)

قال الخطابي:

واتفقوا على أن أبا بكر -رضى الله عنه- لم يسب ذراري مانعي الزكاة، إلا في شيء روي عن بعض الروافض ولا يعتد بخلافهم. وهم قوم لا خلاق لهم في الدين، وإنما رأس مالهم البهت والتكذيب والوقيعة في السلف. (٢)

* وعليه يقال:

أن حديث الباب يعد أحد أدلة العذر بالجهل؛ فقد ذكرنا قريباً أنهم قد كانوا في ذلك متأولين أن قوله تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ....) خطاب خاص للنبي - صلى الله عليه وسلم - دون غيره.

فلم يحكم الصحابة -رضى الله عنهم-عليهم بالردة، ولا عاملوهم معاملة المرتدين لهذه الشبهة. (٣)


(١) وانظرنيل الأوطار (٤/ ١١٩) والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (١٠/ ٢١٨)
(٢) وانظر معالم السنن (٢/ ٦) وفتح المنعم شرح صحيح مسلم (١/ ٨٥)
(٣) هناك من يرى أن أبا بكر -رضى الله عنه - قاتل مانعي قتال ردة، ويفهم هذا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، ولكنَّ جمهور الفقهاء على أن الطائفة الممتنعة تقاتل قتال ردة، وحديث أبي هريرة -رضى الله عنه- في الصحيحين في مناقشة عمر لأبي بكر -رضى الله عنهم - وجوابه يدل على أنهم ليسو مرتدين عندهما، إذ لو كانوا مرتدين عند عمر لما اعترض على أبي بكر في قتالهم، ولو كانوا مرتدين عند أبي بكر لما علل القتال بمنع الزكاة وترك التعليل بالردة.

<<  <  ج: ص:  >  >>