للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* فإن قيل:

أرأيت إن أنكرت طائفة من أهل المسلمين في زماننا فرض الزكاة، وامتنعوا من أدائها إلى الإمام، هل يكون حكمهم حكم أهل البغي؟؟

* فالجواب:

لا، فإن من أنكر فرض الزكاة في هذا الزمان كان كافراً بإجماع المسلمين، والفرق بين هؤلاء وبين أولئك القوم: أنهم إنما عُذروا فيما كان منهم حتى صار قتال المسلمين إياهم لأسباب وأمور لا يحدث مثلها في هذا الزمان، منها قرب العهد بزمان الشريعه التي كان يقع فيها تبديل الأحكام، ومنها وقوع الفترة بموت النبي صلى الله عليه وسلم، وكان القوم جهالاً بأمور الدين، وكان عهدهم حديثاً بالإسلام فتداخلتهم الشبهة فعُذروا.

فأما اليوم فقد شاع دين الإسلام واستفاض علم وجوب الزكاة حتى عرفه الخاص والعام واشترك فيه العالم والجاهل، فلا يعذر أحد بتأويل يتأوله في إنكارها،

إلاّ أن يكون رجل حديث عهد بالإسلام لا يعرف حدوده، فإذا أنكر شيئا منه

جهلاً به لم يكفر، وكان سبيله سبيل أولئك القوم في تبقية اسم الدين عليه. (١)

* ومن الفوائد المتعلقة بحديث الباب:

٤ - الفائدة الرابعة: أن الإيمان قول وعمل:

ففي حديث الباب الرد على المرجئة حيث زعموا أن الإيمان لا يحتاج إلى الأعمال، لذا فقد روى الإمام البخاري هذا الحديث في عدة أبواب منها باب الإيمان.

فلو لم يكن العمل من الإيمان لما أجمع الصحابة -رضى الله عنهم- على قتال تاركي الصلاة، ومن بعدها على قتال مانعى الزكاة.

* وكذلك فحديث الباب رد على دعوى الأشاعرة أن الإيمان هو التصديق، وأنه لا يشترط قول اللسان إلا لإجراء الأحكام الدنيوية، من التوارث والتناكح والصلاة خلفه وعليه ودفنه في مقابر المسلمين. (٢)


(١) وانظر معالم السنن (١/ ٣٨٦)
(٢) ولكنَّ الأشاعرة فيما ذهبوا إليه فى مسألة الإيمان فهم غير ملزمين بالقول بإيمان أبى طالب مثلاً؛ لأنهم يقولون أن الذى يُطلب منه قول اللسان فيتركه إباءً فهو كافر. ولمزيد بيان يراجع لذلك رسالتنا " الفرقان في بيان حقيقة الإيمان "

<<  <  ج: ص:  >  >>