للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَفْضَلْتَ عَلَيَّ أَنْ تُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ. اللهُمَّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ بفَضْلِكَ وبِمَنِّكَ وَرَحْمَتِكَ. (١)

قال ابن القيم:

فتح الله -تعالى- باب الدعاء رغباً ورهباً ليذكره الداعي بأسمائه وصفاته فيتوسل إليه بها، ولهذا كان أفضل الدعاء وأجوبه ما توسل فيه الداعي إليه بأسمائه وصفاته، قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف ١٨٠]. (٢)

* وورد في حديث فضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ -رضى الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما سَمِعَ رجُلًا يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَجِلَ هَذَا "، ثُمَّ دَعَاهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقَالَ لَهُ:

" إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ رَبِّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ، ثُمَّ لِيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاءَ. (٣)

قال الصنعانى: قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عجل هذا":

أي بدعائه قبل تقديم الأمرين، فلم يحمد الله ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه دليل على تقديم الوسائل بين يدي المسائل وهي نظير {إياك نعبد وإياك نستعين} [الفاتحة: ٥]، حيث قدَّم الوسيلة وهي العبادة، على طلب الاستعانة. (٤)

الثانى: التوسل بالعمل الصالح:

وذلك أن يدعو المسلم ربه -تعالى- متوسلاً بعمل صالح بين يدى دعائه، ومن أدلة هذا القسم من القرآن:

قال تعالى (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (آل عمران/١٦)

وقال تعالى


(١) أخرجه الطبراني في الكبير [٨٩١٧]، وذكره صاحب " الصحيح المسند من آثار الصحابة في الزهد والرقائق والأخلاق والأدب " (٢/ ١٥)، ثم قال: هذا توسل بأفعال الله عز وجل فلا إشكال فيه فقوله بـ [نعمتك] يعني [إنعامك] كقوله تعالى: {أن أشكر نعمتك التي أنعمت}، وبمثل هذا وجَّه شيخ الإسلام حديث:
" اللهم إني أسألك بحق السائلين "، على فرض صحته، أن حق السائلين إجابة الله لهم، فعاد إلى كونه توسلاً بصفات الله عز وجل. انظر قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص/١٠٣)
(٢) الصواعق المرسلة (٣/ ٩١١)
(٣) أخرجه أحمد (٢٣٩٣٧) وأبوداود (١٤٨١) والترمذي (٣٤٧٧) وقال الترمذى: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ»، وصحَّحه الحاكم ووافقه الذهبي..
(٤) سبل السلام (١/ ٢٨٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>