ما ورد في قوله تعالى (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)(الزمر/٣)
فهؤلاء قد تقرَّبوا بصنوف العبادات لأصنامهم زعماً منهم أن ذلك ممّا يتوسل به إلى الله تعالى.
ولكنَّ الله -تعالى- قد أبطل هذا الزعم، بل وحكم على مدعيه بالكذب والكفر، فقال تعالى في ختام الأية (إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ)(الزمر/٣)
فدل ذلك على أن التوسُّل والتقرُّب باتِّخاذ شفعاء ووسائط من دون الله -تعالى- يتزلفون إليها بصنوف العبادات هو عَيْن الشرك الذى بُعث النبي - صلى الله عليه وسلم - لمحوه.
ولا يؤثر فى الحكم الشرعى هنا الدعوى بأن هذه وسيلة لإجابة الدعوات، أو أن هذه قربة إلى الله تعالى، فإنَّ العبرة في الأحكام بالمقاصد والمعاني، وليست بالألفاظ والمباني، ودليل هذه القاعدة هو قوله تعالى:
فقد سمَّوا ما يفعلونه من القربات لغير الله -تعالى- شفاعة، والله -تعالى - قد سمَّاها عبادة لما عكفوا عليه من الأصنام.
ثم قال تعالى آخر الأية (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) فهو تنزيه لله - تعالى -وعلوُّ عمَّا يفعله هؤلاء المشركون من إشراكهم في عبادته ما لا يضر ولا ينفع، وافترائهم عليه الكذب.
*ثم نقول:
وما فعله المشركون مع أصنامهم عبر القرون الماضية بدعوى اتخاذ الوسائط والشفعاء لم ينته بعد، فقد تولى الراية من بعدهم المتصوفة القبورية، فقالوا ما قاله الأولون، مع اختلاف يسير في بعض الهيئات الظاهرة، فصار الصنم قبراً يُطاف حوله ويُنذر ويُذبح له، فإذا سألتم قالوا:" هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ "، وقالوا: