للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" هؤلاء يقَرِّبونَا إِلَى اللَّه زُلْفَى ".

* فإذا ما أُنكر عليهم عارضوك بالحجج والبراهين، فقالوا: ألم يقل الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ... {؟؟

* فالجواب:

بلى، ولكنَّ أمر الله -تعالى- باتخاذ الوسيلة إليه فى هذه الأية محمول على المعنى العام؛ فالمراد بالوسيلة في الأية:

هو التقرب إلى الله بالطاعة والعمل بما يرضيه، وهذا لا خلاف فيه بين المفسرين، كما حكاه ابن كثير.

قال الطبري:

قوله تعالى " وابتغوا إليه الوسيلة ": واطلبوا القربة إليه، بالعمل بما يرضيه، وقد حكاه الطبري عن أبى وائل وقتادة والحسن وعطاء ومجاهد وابن زيد، وغيرهم. (١)

* ثم يقال:

ولو حُمل أمر الله -تعالى- باتخاذ الوسيلة إليه فى هذه الأية على المعنى الخاص، الذى هو التوسل، فهو أمر مجمل قد وضحته أدلة الشرع في الكتاب والسنة، كما تم بيانه في أقسام التوسل المشروع.

فالفرق واسع والبون شاسع بين من يرجو الله -تعالى- فى قضاء حاجة ما متوسلاً في ذلك باسم أو صفة لله تعالى، أو بقربة من قرب العبادات، أو بدعاء أحد الصالحين، وبين من يصرف العبادات لغير الله -تعالى- بدعوى أنها وسيلة تزلف إلى الله عز وجل.

فحال هؤلاء المدَّعين لا يختلف كثيراً عمَّن قال الله - تعالى - فيهم} وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٢٨) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ..} (الأعراف: ٢٨)

فهم بزعمهم الباطل قد وقعوا في شركيات اتّخاذ الوسائط من الأولياء، وقالوا:

" الله أمرنا بها.... "، متأولون في ذلك قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ}، قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْشرك، أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ، قُلْ أَمَرَ رَبِّي بالتوحيد، قال تعالى {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ


(١) انظر تفسير القرآن العظيم (٣/ ٩٦) وجامع البيان في تأويل القرآن (١٠/ ٢٩٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>