للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أتوجه إليك بجاه وذات نبيك، على زعم من يستدل بالحديث على مشروعية التوسل بجاه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

الثانى: " أتوجه إليك بدعاء نبيك "، وهو القول الراجح، والذى جعله راجحاً على الوجه الأول ما يلى:

١) لو كان توسل الرجل الضرير إلى الله - تعالى- بذات النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما تكلَّف المشقة بالإتيان إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بل كان يفعل ذلك في بيته.

٢) قد ورد في ألفاظ الحديث ما يبطل الدعوى أن توسل الرجل كان بجاه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما فى قول الرجل: " ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَنِي "، وإصراره على ذلك بقوله: (فادع) ففى ذلك التصريح بطلبه الدعاء من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " وإن شئتَ دعوتُ " (١)

٣) قول الرجل " تُشَفِّعُنِي فِيهِ، وَتُشَفِّعُهُ فِيَّ "، فقوله " تُشَفِّعُهُ فِيَّ ":

فيه سؤال الرجل ربه - تبارك وتعالى- أن يقبل دعاء النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وشفاعته له.

وهذا مما ييعد جداً حمله على التوسل بذاته صلى الله عليه وسلم، أو جاهه، أو حقه، إذ أن المعنى: اللهم اقبل شفاعته صلى الله عليه وسلم فيَّ، أي اقبل دعائه فيَّ أن ترد عليَّ بصري.

وقوله " تُشَفِّعُنِي فِيهِ ": أي اقبل دعائي في أن تقبل شفاعته صلى الله عليه وسلم، أي دعاءه في أن ترد عليَّ بصري.

قال المناوي:

سأل الله -تعالى- أولاً أن يأذن لنبيه أن يشفع له، ثم أقبل على النبي - صلى اله عليه وسلم- ملتمساً شفاعته له، ثم كر مقبلاً على ربه أن يقبل شفاعته. والباء في بنبيك للتعدية، وفي بك للاستعانة.

وقوله: "اللهم فشفّعهُ فيّ " أي: اقبل شفاعته في حقي، والعطف


(١) ومن التحريف الذى عمد إليه الشيخ الغماري قوله في "المصباح" (٢٤): (قوله صلى الله عليه وسلم:
" وإن شئتَ دعوتُ ": أي وإن شئت علمتك دعاء تدعو به، ولقنتك إياه، وهذا التأويل واجب ليتفق أول الحديث مع آخره).

<<  <  ج: ص:  >  >>