٣٤)، وقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠)} (الزمر: ٣٠) ـ إلى أمثال ذلك من الآيات الدالة على أن الله -تعالى - قد توفاه إليه.
ولأن الصحابة - رضي الله عنهم - قد غسَّلوه وكفَّنوه وصلَّوا عليه ودفنوه، ولو كان حياً حياته الدنيوية ما فعلوا به ما يفعل بغيره من الأموات.
وهو الآن حيُّ في قبره حياة برزخية لا يعلم كيفيتها إلا الله سبحانه وتعالى، وليست من جنس حياة أهل الدنيا، ولا تخضع لقوانينها، ومن الخطأ المبين قياس حياة الأنبياء في البرزخ على حياتهم في الدنيا، وهذا قياس باطل مخالف للكتاب والسنة والواقع.
نعم، الأنبياء أحياء في قبورهم، وأجسادهم لا تبلى، والنص والإجماع منعقد على هذا كما حكاه غير واحد، منهم ابن حزم والسخاوي وغيرهم.
فليس هذا هو محل الخلاف، وإنما محل الخلاف بيننا وبينكم في كيفية هذه الحياة، فالذى عليه أدلة الكتاب والسنة والإجماع أنها حياة برزخية غيبية، لها كيفية لا يعلمها إلا الله تعالى.
... وفي الختام:" نقاط مهمة "... :
الأولى:
قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" ما تركتُ شيئاً يُقربكم إلى الله إلا أمرتكم به "(١)، فلو كان التقرُّب بجاه النبي -صلى الله عليه وسلم - قربة من القرب التى يُتوصل بها إلى الله تعالى، فلِمَ ترك النبي - صلى الله عليه وسلم- الأمر بها؟؟!!
الثانية:
هل مسألة التوسل بالجاه علمها الصحابة -رضى الله عنهم- أم لا؟
فإن كانو قد علموه، فلِمَ لم يعملوا به مع ما ألّم بهم من الملمَّات والمضايق؟!
وإن كانوا لم يعلموه ولم يهتدوا إليه وهم خير قرون الأمة علماً وعملاً، فهل فُتح لكم من سبل
(١) أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (١٦٤٧)، وذكره ابن كثير في تفسيره بصيغة الجزم دون أن يعلَّق عليه واستشهد بالحديث شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع فتاويه ـ وانظر تفسير القرآن العظيم (٥/ ١٤٣) ومجموع الفتاوى (٥/ ١٥٦) والسلسلة الصحيحة (ح/ ٢٨٦٦)