ثبت بالأدلة الشرعية أن التوسل عبادة؛ وذلك أن الله - تعالى- قد أمر به، قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[المائدة: ٣٥]، والله لا يأمر إلا بما يحب.
فلما كان التوسل عبادة، وكان الأصل فى العبادات التوقيف، صار من ادعى مشروعية التوسل بالجاه مطالباً بالدليل الصريح الصحيح، وإلا كان قائلاً على الله -تعالى- بغيرعلم، وهذا من سبل الشيطان، قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلَالاً طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى الله مَا لَا تَعْلَمُونَ}(البقرة ١٦٨ - ١٦٩)
* الرابعة:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
وأما إذا لم نتوسل إليه سبحانه بدعائهم، ولا بأعمالنا، ولكن توسلنا بنفس ذواتهم لم تكن نفس ذواتهم سبباً يقتضي إجابة دعائنا، فكنا متوسلين بغير وسيلة، ولهذا لم يكن هذا منقولاً عن النبي صلى الله عليه وسلم نقلاً صحيحاً، ولامشهوراً عن
السلف، ولاريب أن لهم عند الله الجاه العظيم - كما قال تعالى في حق موسى وعيسى عليهما السلام، وقد تقدم ذكر ذلك - لكن مالهم عند الله من المنازل والدرجات أمر يعود نفعه إليهم، ونحن ننتفع من ذلك باتباعنا لهم ومحبتنا لهم، فإذا توسلنا إلى الله تعالى بإيماننا بنبيه ومحبته وموالاته واتباع سنته فهذا من أعظم الوسائل. (١)
* الخامسة:
العجب مما تراه من هؤلاء الذين يدندنون حول العواطف ودغدغة المشاعر الخاوية عن الأصول العلمية و مشكاة النبوة، فيتهمون أهل السنة الذين لا يجوِّزون التوسل بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنهم ما قدروا النبي - صلى الله عليه وسلم - حق قدره، وما أحبوه حق
(١) وانظر قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص/٢٩٩) ومنهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس (ص/١٨٤) والرد على شبهات المستعينين بغير الله (ص/٩٢)