للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السؤال بالأنبياء والصالحين، فإنه لا يقدر أحد أن ينقل فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئاً ثابتاً لا في الإقسام أو السؤال به. وإن كان في العلماء من سوَّغه فقد ثبت عن غير واحد من العلماء أنه نهى عنه، فتكون مسألة نزاع كما تقدم بيانه فيرد ما تنازعوا فيه إلى الله ورسوله. (١) قال الشيخ سعد بن حمد بن عتيق:

ونحن وإن قلنا بالمنع من التوسل به صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ أو نحوه لما نعتقده من أصحية المنع، فنحن مع ذلك لا نشدد في ذلك على من فعله مستدلا بالحديث فضلاً عن أن نكفره. (٢)

السابعة:

ما ادعاه السبكى من القول بأن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- لم يسبقه أحد إلى القول بإنكار التوسل بجاه النبي -صلى الله عليه وسلم - يرده ما ورد عن أبي حنيفة من قوله بالمنع من ذلك، فقد كره أبو حنيفة قول " بحق رسلك وأنبيائك وأوليائك "؛ لأنه لا حق للخلق على الخالق تعالى. (٣)

وقال المرتضى الزبيدى: وقد كره أبوحنيفة وصاحباه أن يقول الرجل:

" أسالك بحق فلان ". (٤)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:

قولهم: أسألك بجاه نبينا أو بحقه، فإن هذا مما نقل عن بعض المتقدمين فعله، ولم يكن مشهوراً بينهم، ولا فيه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل السنة تدل على النهى عنه كما نقل ذلك عن أبي حنيفة وأبي يوسف وغيرهما. (٥)


(١) مجموع الفتاوى (١/ ٢٨٦)
(٢) وانظرالمنارة (ص/٥٠) والتوسل بالصالحين بين المجيزين والمانعين (ص/٧٠)
(٣) وانظر رد المحتار على الدر المختار (٦/ ٣٩٧) ودرر الحكام شرح غرر الأحكام (١/ ٣٢١)
(٤) اتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين (٢/ ٢٨٥)
(٥) وانظر قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص/٣٠٩)
والعجيب أن كاتب رسالة "مفاهيم يجب أن تصحح" قد ادعى أن شيخ الإسلام يجوِّز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم، ونقل عنه ما نصه:
أما التوسل بالإيمان به، ومحبته وطاعته والصلاة والسلام عليه، وبدعائه وشفاعته ونحو ذلك من ما هو من أفعاله وأفعال العباد المأمور بها في حقه، فهو مشروع باتفاق المسلمين [الفتاوى الكبرى ١/ ١٤٠]
وهذا في الحقيقة تحريف و تبديل، وبتر لكلام شيخ الإسلام؛ ليوهم أنه ساوى بين التوسل بدعائه وشفاعته صلى الله عليه وسلم حياً وميتاً.؛ فقد قال شيخ الإسلام بعد قوله الذي نقله الكاتب:
"وكان الصحابة -رضى الله عنهم- يتوسلون به في حياته، وتوسلوا بعد موته بالعباس عمه، كما كانوا يتوسلون به" اهـ. فهذا التفسير للإجمال السابق لابد من ذكره ونقله، وفيه أن التوسل به في حياته يكون بدعائه لمن طلب منه الدعاء. وانظر هذه مفاهيمنا (ص/٧٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>