للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنزل الله، فكيف جعلته خاصًّا؟

قيل:

إن الله - تعالى - عَمَّ بالخبر بذلك عن قومٍ كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكمَ على سبيل ما تركوه كافرون.

وكذلك القولُ في كل من لم يحكم بما أنزل الله جاحدًا به هو بالله كافر، كما قال ابن عباس؛ لأنه بجحوده حكم الله بعدَ علمه أنه أنزله في كتابه، نظير جحوده نبوّة نبيّه بعد علمه أنه نبيٌّ. (١)

- أقول:

وما قاله ابن جرير الطبري - رحمه الله - في قوله بعموم الآية لمن كان هذا حاله قد سبقه إليه الصاحب الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، فعن همام، قال:

كنا عند حذيفة - رضي الله عنه - فذكروا {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} فقال رجل من القوم:

إن هذا في بني إسرائيل، فقال حذيفة رضى الله عنه:

«: «نِعْمَ الْإِخْوَةُ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِنْ كَانَ لَكُمُ الْحُلْوُ وَلَهُمُ الْمُرُّ، كَلَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى تَحْذُوا السُّنَّةَ بِالسُّنَّةِ حَذْوَ الْقُذَّةَ بِالْقُذَّةَ». (٢)

* وجملة القول:

أن الآية نزلت في اليهود الجاحدين لما أنزل الله تعالى، فمن شاركهم في الجحد، فهو كافر كفراً اعتقادياً، ومن لم يشاركهم في الجحد فكفره عملي لأنه عمل عملهم، فهو بذلك مجرم آثم، ولكن لا يخرج بذلك عن الملة، كما تقدم عن ابن عباس رضي الله عنه. (٣)

*الجواب الثاني:

أن القول بظاهر هذه الأية وحملها على الكفر الأكبرمما شاع استعماله مذهباً للخوارج والمعتزلة.

فقد احتج بها الخوارج والمعتزلة على الحكم


(١) جامع البيان في تأويل القرآن (١٠/ ٣٥٨) وانظرالجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٦/ ١٩٠)
(٢) أخرجه الحاكم (٣٢١٨) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
قال الذهبي: على شرط البخاري ومسلم. وقد صحح الألبانى إسناده في تخريجه لكتاب الإيمان لابن تيميه
(٣٠٩)
(٣) موسوعة مواقف السلف في العقيدة (١٠/ ٤١٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>