للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه. (١)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:

وإذا كان من قول السلف إنَّ الإنسان يكون فيه إيمان ونفاق، فكذلك في قولهم إنه يكون فيه إيمان وكفر، وليس هو الكفر الذي ينقل عن الملة، كما قال ابن عباس وأصحابه في قوله تعالى {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}

* قالوا:

كفراً لا ينقل عن الملة، وقد اتبعهم على ذلك أحمد وغيره من أئمة السنة ". (٢)

قال ابن القيم:

تأويل ابن عباس وعامة الصحابة في قوله تعالى {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}

قال ابن عباس: ليس بكفر ينقل عن الملة، بل إذا فعله فهو به كفر، وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر، وكذلك قال طاووس، وقال عطاء: هو كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق........

الصحيح أن الحكم بغير ما أنزل الله يتناول الكفرين الأصغر والأكبر بحسب حال الحاكم، فإنه إن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله في هذه الواقعة، وعدل عنه عصياناً، مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة، فهذا كفر أصغر، وإن اعتقد أنه غير واجب، وأنه مخيَّر فيه، مع تيقنه أنه حكم الله فهذا كفر أكبر، وإن جهله وأخطأه فهذا مخطئ له حكم المخطئين، والله أعلم. (٣)

*الشبهة الثانية:

وهو الإجماع الذي نقله الحافظ بن كثير- رحمه الله- على من كفر من حكم بـ "الياسق "، وتنزيله على كل من لم يحكم بما أنزل الله تعالى.

ونص كلامه: " من ترك الشرع المحكم المنزَّل على محمد خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام، وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسق، وقدَّمها


(١) مجموع الفتاوى (٧/ ٢٥٤)
(٢) مجموع الفتاوى (٧/ ٣١٢)
(٣) مدارج السالكين (١/ ٣٤٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>