للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه؟! من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين. (١)

*والجواب عن هذه الشبهة بما يلي:

أن هؤلاء الذين جاؤوا بالياسق إنما كفروا لأنهم جعلوا الياسق شرعاً، وقدَّموه على شرع الله تعالى، وهذا لا خلاف في كفر من فعله، وهذا يتضح من عبارة ابن كثير في التفسير، حيث قال:

الياسق وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها عن شرائع شتى، من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه، فصارت في بنيه شرعاً متبعاً، يقدِّمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

ومن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. (٢)

فقوله رحمه الله:

"فصارت في بنيه شرعاً متبعاً، يقدِّمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم"

دل على أنهم جعلوا الياسق ديناً لهم، بل وقدِّموه على شرع الله.

وقوله: " يقدِّمونها":

والتقديم هو التفضيل، وهو عمل قلبي يكفر به صاحبه، وليس المقصود هنا مجرد التقديم الظاهري للحكم بغير ما أنزل الله؛ وإلا للزم القول بتكفير كل من حكم بغير ما أنزل الله - تعالى -ولو في قضية واحدة، وللزم من ذلك دخوله في الاجماع وتكفيره بذلك، وهذا باطل قطعاً. (٣)

* وتأمل في قول السبكي وهو يصف الياسق بقوله:

لَا زَالَ أمره - أي جنكزخان طاغية التتار - يعظم وَيكبر، وَكَانَ من أَعقل النَّاس وَأخْبرهمْ بالحروب، وَوضع لَهُ شرعاً اخترعه ودينا ابتدعه، لَعنه الله الياسا. (٤)


(١) وانظر البداية والنهاية (١٣/ ١١٩)، "الياسق "، و يقال: (الياسا): وهي قوانين جنكيز خان التتاري الذي ألزم الناس بالتحاكم إليها.
(٢) وانظر تفسير القرآن العظيم (٣/ ١٣١) و الحكم بغير ما أنزل الله لبندر العتبى (ص / ٨٤)
(٣) انظر" غوث التائق في معرفة حقيقة الياسق " لأبي رقية الذهبي.
(٤) طبقات الشافعية الكبرى (١/ ٣٢٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>