للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ومما سبق يتبين لنا أنه قد ترتب على كلا القولين:

١ - أن المعتزلة أفرطوا في تمجيد العقل، حتى أوجبوا بمقتضاه الصلاح على الله تعالى؛ وذلك يتحقق بأن يفعل الله -تعالى - الصلاح أو الأصلح لعباده، على خلاف بين معتزلة بغداد ومعتزلة البصرة.

وأن الإنسان مكلف قبل ورود الشرع بما دل عليه العقل، كوجوب شكر المنعم، ومكلف بمحاسن الأخلاق. (١)

٢ - أن الأشاعرة قد أطلقوا القول بنفي الوجوب في حقه تعالى؛ فلم ينزهوه عن فعل شيء، بناءً منهم على نفي التحسين والتقبيح العقليين، وعليه فقد جوَّزوا على الله -تعالى- إرادة الخير والشر، دون أن يفرقوا بين دلالة الإرادة الكونية و دلالة الإرادة الشرعية.

فتراهم يقولون أن الحسن والقبح تابعان لأمر الشارع ونهيه، وأنه لو عكس الشارع القضية فقبَّح ما حسَّنه وحسَّن ما قبَّحه لجاز ذلك، فلا يقبح منه أن يعذِّب المؤمنين، ويدخل الكافرين الجنان، وهذا مبني على مسألة نفي الأشاعرة للحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى. (٢)

* وهدى الله -تعالى- الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه، فقالوا:

أما ما يتعلق بمسألة التحسين والتقبيح العقليين فمذهب أهل السنة في الرد على المعتزلة يتلخص في المحاور التالية:

١ - الأول:

العقل يمكنه أن يدرك حسن وقبح كثيراً من الأشياء لصفاتها الذاتية، وذلك قبل ورود الشرع، دون أن يترتب على هذا الادراك أى حكم شرعي، حتى يرد الشرع فيحكم بذلك؛ فإن الظلم والشرك والكذب والفواحش كل ذلك قبيح قبل مجيء الرسول، لكن العقوبة لا تستحق إلا بمجيء الرسول صلى الله عليه وسلم. (٣)


(١) وانظر الملل والنحل (١/ ٤٥) ودراسة نقدية لجوهرة التوحيد (ص/٣٣٤)
(٢) وانظر موقف ابن تيمية من الأشاعرة (٣/ ١٣٢٠) وتناقضات الأشاعرة (ص/٩٤)
(٣) انظر درء التعارض (٨/ ١٤) ورسالة السجزى إلى أهل زبيد (ص/٩٥) ودراسة نقدية لنظم الجوهرة (ص/٣٣٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>