للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ». (١)

*قال المازني:

فيه رد على الخوارج الذين يكفِّرون بالذنوب، ورد على المعتزلة الذين يوجبون تعذيب الفاسق إذا مات بلا توبة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر بأنه تحت المشيئة، ولم يقل لا بد أن يعذبه. (٢)

* والإجماع منعقد على ذلك:

فقد أجمع الصحابة -رضى الله عنهم- على عدم كفر مرتكبي الذنوب، فقد سئل جابر بن عبد الله رضى الله عنهما: هل كنتم تسمُّون أحداً من أهل القبلة كافراً؟ فقال: لا. (٣)

وعَنْ أَنَسٍ-رضى الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:

«شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي». (٤)

وفى رواية ابْنِ عُمَرَ-رضى الله عنهما- قَالَ:

مَا زِلْنَا نُمْسِكُ عَنِ الاسْتِغْفَارِ لأَهْلِ الْكَبَائِرِ حَتَّى سَمِعْنَا مِنْ فِي نَبِيِّنَا- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: " أَخَّرْتُ شَفَاعَتِي لأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ". (٥)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

أهل السنة والجماعة متفقون على ما اتفق عليه


(١) متفق عليه.
(٢) وانظرفتح الباري شرح صحيح البخاري (١/ ٦٨) والمعتزلة وأصولهم الخمسة (ص/٢٣٠)
(٣) الإيمان لأبي عبيد (ص/٩٨)، قال الألباني في التعليق: إسناده صحيح على شرط مسلم.
(٤) أخرجه الترمذي (٢٤٣٥) وأبوداود (٤٧٣٩) وأحمد (١٣٢٢٢) قال ابن كثير: إسناد صحيح على شرط الشيخين، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
وصححه البيهقى فى السنن الكبرى (٨/ ١٧)، وصححه الحاكم على شرطهما، وصححه الذهبي في رسالته "اثبات الشفاعة "، وصححه الألباني في المشكاة (٥٥٩٩)
* وإن تعجب فعجب تحريفهم:
حينما يحرِّفون حديث النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي "، فيقول أحد دعاة الاعتزال أن المراد بأهل الكبائر هم المؤمنون من أهل الصلاة؛ لأن الصلاة كبيرة، كما قال الله عز وجل {وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين}!!
فعندها لا نملك إلا أن نقول: "الحمد لله على العافية في العقل والدين "
(٥) كتاب السنة (١/ ٣٩٨) وقد حسَّنه الألبانى. وانظر الاستيعاب فى بيان الأسباب (١/ ٣٩٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>