للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين- واستفاضت به السنن من أنه صلى الله عليه وسلم يشفع لأهل الكبائر من أمته، ويشفع أيضاً لعموم الخلق. (١)

قال ابن حزم:

في إجماع الأمة على أن صاحب الكبيرة مأمور بالصلاة مع المسلمين وبصوم شهر رمضان والحج وبأخذ زكاة ماله وإباحة مناكحته وموارثته وأكل ذبيحته، وتحريم دمه وماله وأن لا يؤخذ منه جزية ولا يصغر برهان صحيح على أنه مسلم مؤمن، وفي إجماع الأمة كلها دون مخالف على تحريم قبول شهادته وخبره برهان على أنه فاسق، فصح يقينا أنه مؤمن فاسق ناقص الإيمان. (٢)

قال ابن عبد البر:

فإن مات صاحب الكبيرة فمصيره إلى الله، إن شاء غفر له وإن شاء عذَّبه، وإن تاب قبل الموت وندم كان كمن لم يذنب، وبهذا كله الآثار الصحاح عن السلف قد جاءت، وعليه جماعة علماء المسلمين. (٣)

* وكذلك قد قال أهل السنة بإثبات ضرر المعاصى والذنوب مع وجود الإيمان، ولم يقولوا بنجاة جميع أهل التوحيد من أصل العذاب في الآخرة.

فعن زبيد، قال: سألت أبا وائل عن المرجئة، فقال: حدثني عَبْد اللهِ بْن مَسْعُودٍ عبد الله -رضى الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» (٤)


(١) مجموع الفتاوى (١/ ٣١٣)
(٢) الفصل في الملل والأهواء والنحل (٢/ ٢٦٥)
(٣) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (٢/ ٢٥٦)
وقد نقل مثل هذا الإجماع أبو الحسن الأشعري في رسالته إلى أهل الثغر (ص/٢٧٤) وانظر المسائل التى حكي فيها ابن تيمية الإجماع (ص/٥٩٨)
(٤) متفق عليه. وقد أخرج النسائي من طريق أبى داود الطيالسي قال: حدثنا شعبة قال: قلت لحماد:
سمعتَ منصوراً، وسليمان، وزبيداً، يحدِّثون، عن أبي وائل، عن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر»، من تتهم؟
أتتهم منصوراً، أتتهم زبيداً، أتتهم سليمان؟ "
، قال: لا، ولكني أتهم أبا وائل، وحمَّاد وهو ابن أبي سليمان، وهو شيخ شعبة، وكان مرجئاً، فقد اتهم أبا وائل؛ لأن الحديث حجة على معتقد المرجئة أنه لا يضر مع الإيمان ذنب. وأبو وائل لو انفرد فهو مجمع على توثيقه، كما نقل ذلك ابن عبد البر، كيف وقد تابعه عن ابن مسعود:
عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود وأبو الأحوص وأبو عمرو الشيبانى ومسروق هبيرة بن يريم. وكذلك فالحديث مروى عن جماعة من الصحابة:
(سعد وأبى هريرة وعبد الله بن مغفل و عقبة بن عامر والنعمان بن مقرن (أفاده سليم الهلالى في الروض الريَّان (١/ ٣٩٢) وانظرفتح الباري لابن رجب (١/ ٢٠١)

<<  <  ج: ص:  >  >>