للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

فهذان القولان: قول الخوارج الذين يكفِّرون بمطلق الذنوب ويخلِّدون في النار؛ لم يذهب إليه أحد من أئمة الدين أهل الفقه والحديث بل هما من الأقوال المشهورة عن أهل البدع.

وكذلك قول من وقف في أهل الكبائر من غلاة المرجئة، وقال لا أعلم أن أحداً منهم يدخل النار هو أيضا من الأقوال المبتدعة؛ بل السلف والأئمة متفقون على ما تواترت به النصوص من أنه لا بد أن يدخل النار قوم من أهل القبلة، ثم يخرجون منها. (١)

* مسالك الجمع بين أحاديث الوعد والوعيد:

قد تعددت وجوه الجمع بين تلك النصوص على النحو الآتى:

* أما تأويل نصوص الوعد:

وهى النصوص التى ركن إليها المرجئة فيما ذهبوا إليه من دخول الجنة لمن مات على التوحيد، وأن النار محرمة عليهم ونحو ذلك، فهذا محمولة على وجوه:

الوجه الأول:

أن هذا باعتبار المآل، فالعبد مهما بلغت ذنوبه وكثرت، ولو كانت من الكبائر التى لم يتب منها، فإن مآله إلى الجنة، مادام قد مات على التوحيد، أصابه قبل ذلك ما أصابه، وقد يعفو الله -تعالى-عنه فيغفر له كل ذنوبه، كما قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ).

قال الطبري: وقد أبانت هذه الآية أنّ كل صاحب كبيرة ففي مشيئة الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه عليه، ما لم تكن الكبيرة شركًا بالله. (٢)


(١) وانظر مجموع الفتاوى (٧/ ٥٠٢) و مرقاة المفاتيح (٤/ ١٦٦٧) ومسالك أهل السنة فيما أُشكل من نصوص العقيدة (٢/ ٣٦٨)
(٢) جامع البيان في تأويل القرآن (٨/ ٤٥٠)
نقول: لكن هذا بناءً على ما كما سبق وذكرنا أن أهل السنة لم يقولوا بنجاة جميع أهل التوحيد من أصل العذاب في الآخرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>