للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن رجب تعقيباً على حديث: "وإن زنى وإن سرق":

ومعنى هذا الحديث: أن الزنى والسرقة لا يمنعان دخول الجنة مع التوحيد، وهذا حق لا مرية فيه، وليس فيه أنه لا يعذب عليهما مع التوحيد، ففي مسند البزار عن أبي هريرة -رضي الله عنه -مرفوعًا: " مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، نَفَعَتْهُ يَوْمًا مِنْ دَهْرِهِ، أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا أَصَابَهُ "». (١)

*الوجه الثانى:

أن تحمل أحاديث دخول الجنة لأهل التوحيد من أول وهلة على من توفرت عنده الشروط وانتفت عنه الموانع، فقد يتخلف عن المرء مقتضى أحاديث الوعد لفوات شرط أو لوجود مانع. والشرع لم يجعل النجاة حاصلة بمجرد قول اللسان فقط؛ فإن المنافقين يقولونها بألسنتهم، وهم تحت الجاحدين لها في الدرك الأسفل من النار، فلا بد من العمل بمقتضاها ظاهراً وباطناً، ولا بد من قول القلب، وقول اللسان، وقول القلب يتضمن من معرفتها، والتصديق بها، ومعرفة حقيقة ما تضمنته من النفي والإثبات، ومعرفة حقيقة الإلهية المنفية عن غير الله تعالى، وقيام هذا المعنى بالقلب علما ومعرفة ويقيناً، وحالاً ما يوجب تحريم قائلها على النار.

وكل قول رتب الشارع ما رتب عليه من الثواب، فإنما هو القول التام. (٢)

ومن توافر الشروط تحقق ما يلى:

*أن تغلب حسناته على سيئاته، قال تعالى (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)


(١) كلمة الإخلاص (ص/١٠)، وأما حديث "من قال: لا إله إلا الله نفعته يوماً من دهره، ..... "
فقد قال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح"، مجمع الزوائد [١/ ١٧]). وصححه الألبانى في الصحيحة (ح/١٩٣٢)
(٢) وانظر مدارج الساكين (١/ ٣٣٩) وكلمةالإخلاص وتحقيق معناها (ص/١٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>