للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

*أو أن يكون قد مات على توبة صادقة محت له ما سبق من آثام؛ لذا فقد علَّق البخاري على قوله صلى الله عليه وسلم: «وإن زنى وإن سرق..»، قال:

" هذا عند الموت، أو قبله إذا تاب وندم، وقال: لا إله إلا الله، غُفر له ". (١)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

وكل وعيد في القرآن فهو مشروطٌ بعدم التوبة باتفاق الناس. (٢)

*أو أن تُعرض عليه ذنوبه عرضاً، دون أن يُناقش، ثم يؤول أمره إلى العفو، فعَنْ عَائِشَةَ-رضى الله عنها- عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

«مَنْ نُوقِشَ الحِسَابَ عُذِّبَ» قَالَتْ: قُلْتُ: أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: ٨] قَالَ: «ذَلِكِ العَرْضُ» (٣).

وأما انتفاء الموانع فيكون بخلاف ما سبق.

الوجه الثالث:

وكذلك يقال في النصوص التي أفادت تحريم النار على من مات على التوحيد، فتأويلها أن النار التى حرَّمت عليه هى النار التى أُعدت للكافرين الذين يخلَّدون فيها.

كما خاطب الله -تعالى- بهذا المشركين المكذبين بالوحي في قوله تعالى (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) (البقرة/٢٤)

فجعلها معدّة للكافرين.

ومثل هذا لا يمنع أن من مات عاصياً، بكبيرة ونحوها أنه قد يُعذَّب ولكن ليس كعذاب الكافرين لا في خلودهم، ولا في دركاتهم، وكذا يقال في تأويل حديث الباب، في قول -النبي صلى الله عليه وسلم - فى حق العباد على اللَّهِ تعالى: " أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ".

قال ابن رجب:

ما فيه أنه يحرم على النار وهذا قد حمله بعضهم على الخلود فيها، أو على نار يخلد فيها أهلها وهي ما عدا الدرك الأعلى، فأما الدرك الأعلى يدخله خلق كثير من عصاة الموحدين بذنوبهم، ثم يخرجون بشفاعة الشافعين،


(١) صحيح البخاري (٧/ ١٤٩) وقال نحوه الطحاوى في مشكل الأثار (١٠/ ١٦١)
(٢) مجموع الفتاوى (١٦/ ٢٥)
(٣) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>