للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النووي:

فالقول الصحيح الذي قاله به المحققون أن معناه لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان، وهذا من الألفاظ التي تطلق على نفي الشيء ويراد نفي كماله ومختاره.

وقال رحمه الله:

فهذا الحديث مع نظائره فى الصحيح مع قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) مع إجماع أهل الحق على أن الزاني والسارق والقاتل وغيرهم من أصحاب الكبائر غير الشرك لا يكفَّرون بذلك، بل هم مؤمنون ناقصوا الإيمان إن تابوا سقطت عقوبتهم، وإن ماتوا مصرِّين على الكبائر كانوا في المشيئة، فإن شاء الله - تعالى - عفا عنهم وأدخلهم الجنة أولًا، وإن شاء عذَّبهم ثم أدخلهم الجنة، وكل هذه الأدلة تضطرنا إلى تأويل هذا الحديث وشبهه. (١)

* وقد ذكر ابن حجر أن حديث: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ... " مصروف عن ظاهره؛ وذلك لاختلاف الحكم في حد الزنا وتنوعه، حيث قال:

"ومن أقوى ما يحمل على صرفه عن ظاهره إيجاب الحد في الزنا على أنحاء مختلفة، في حق الحر المحصن والحر البكر وفي حق العبد، فلو كان المراد بنفي الإيمان ثبوت الكفر لاستووا في العقوبة؛ لأن المكلفين فيما يتعلق بالإيمان والكفر سواء" (٢)

وقال ابن عبد البر:

قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يزني الزاني حين يزني... "

يريد مستكمل الإيمان، ولم يرد به نفي جميع الإيمان عن فاعل ذلك؛ بدليل الإجماع على توريث الزاني والسارق وشارب الخمر- إذا صلوا للقبلة وانتحلوا دعوة الإسلام - من قرابتهم المؤمنين، وهذ من أوضح الدلائل على صحة قولنا إن مرتكب الذنوب


(١) وانظرالمنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (١/ ٣٤٣) والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (١٦/ ٢٤)
(٢) فتح الباري (١٢/ ٦٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>