للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخلد في النار أحد مات على التوحيد، والله أعلم. (١)

*ومن هذه الموانع وأعظمها أن يموت المرء على التوحيد، قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (٤٨)) (النساء/٤٨) (٢)

وقد استقرأ بعض المحققين موانع إنفاذ الوعيد على الذنوب فبلغوا بها نحواً من عشرة أمور، ومنها التوبة والاستغفار و والأعمال الصالحة ودعاء الصالحين والشفاعة وغير ذلك. (٣)

٤) الوجه الرابع:

أن تحمل نصوص الخلود الواردة في حق أصحاب الكبائر، وذلك على ما قيَّده الله عزوجل بقوله (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (١٠٦) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٠٧)) (هود: ١٠٦ - ١٠٧)

قال أبو جعفرالطبري:

وأولى هذه الأقوال في تأويل هذه الآية بالصواب، القولُ الذي ذكرنا عن قتادة والضحاك:

من أن ذلك استثناء في أهل التوحيد من أهل الكبائر أنه يدخلهم النار، خالدين فيها أبدًا إلا ما شاءَ من تركهم فيها أقل من ذلك، ثم يخرجهم فيدخلهم الجنة، وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال بالصحة في ذلك، لأن الله - جل


(١) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (٣/ ٥٨)
(٢) قال ابن قتيبة:
وحدثني إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا قريش بن أنس قال: سمعت عمرو بن عبيد يقول: يؤتى بي يوم القيامة، فأقام بين يدي الله عز وجل، فيقول لي: لم قلت: إن القاتل في النار؟
فأقول: أنت قلته يا رب. ثم تلا هذه الآية {ومن يقتل مؤمنا متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها}. =
=فقلت له - وما في البيت أصغر مني- أرأيت إن قال لك: فإني قد قلت: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}، من أين علمت أني لا أشاء أن أغفر له؟
قال: فما استطاع أن يرد علي شيئاً. أخرجه ابن حجر في التهذيب (٨/ ٦٣) والخطيب في تاريخه (١٣/ ١٨٢) وسنده حسن. وقد كان عمرو بن عبيد معتزلياً قدرياً. وانظر تأويل مختلف الحديث (ص/١٧٤) بتحقيق أبى المظفر سعيد السناري.
(٣) وليراجع ذلك بأدلته في منهاج السنة النبوية (٦/ ٢٠٥) ومدارج السالكين (١/ ١٤٣) وإيثار الحق (ص/٣٤٩) والوعد الأخروي (٢/ ٥٣٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>