للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل يعمن إلّا سعيد مخلّد... قليل الهموم ما يبيت بأوجال. (١)

وإلى هذا أشار ابن القيم فى رده على إشكال طرحه، حيث قال:

فإن قيل: فإذا كان آدم - عليه السلام - قد علم أن له عمراً مقدراً ينتهي إليه، وإنه ليس من الخالدين، فكيف لم يعلم كذب إبليس في قوله (هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ)، وقوله (أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ)؟

فالجواب:

أن الخلد لا يستلزم الدوام والبقاء، بل هو المكث الطويل، فالخلد أعم من الدوام الذي لا انقطاع له؛ فإنه في اللغة المكث الطويل، ومكث كل شيء بحسبه، ومنه قولهم رجل مخلد إذا أسن وكبر. (٢)

٣) الوجه الثالث:

أن يقال أن الخلود فى النار هو حكم ينبنى على استيفاء الشروط وانتفاء الموانع، فإن كانت الشروط قد تحققت - على ظاهر الأحاديث التى أفادت الحكم بالخلود فى النار على صاحب الكبيرة - فإن الموانع لم تنتف.

قال أبو العباس ابن تيمية:

إن الأحاديث المتضمنة للوعيد يجب العمل بها في مقتضاها: باعتقاد أن فاعل ذلك الفعل متوعَّد بذلك الوعيد، لكن لحوق الوعيد به متوقف على شروط؛ وله موانع. (٣)

قال النووى:

قوله صلى الله عليه وسلم: (مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ) أي وجب عليه الخلود، وهو تفسير قتادة الراوي، وهذا التفسير صحيح، ومعناه:

من أخبر القرآن أنه مخلَّد في النار وهم الكفار، كما قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ به)

وفي هذا دلالة لمذهب أهل الحق وما أجمع عليه السلف أنه لا


(١) وانظر المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (٢/ ٦٥) ومنهج المتكلمين (٢/ ٦٩٠)
(٢) حادى الأرواح (ص/٨١)
(٣) وانظر مجموع الفتاوى (٢٠/ ٢٦٣) ونواقض الإيمان القولية والعملية (ص/٧٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>