للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبادة، وما ذلك إلا لأهميتها، فالقاعدة "أن ذكر الخاص بعد العام إنما يكون للتأكيد "، وذلك نظير قوله تعالى (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (٩٨)) (البقرة/٩٨)، وقوله النبي صلى الله عليه وسلم:

"إِنَّ الدُّنْيَا خَضِرَةٌ حُلْوَة، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ ". (١)

٢) الثانية:

قوله تعالى: (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) فيه بيان أن الاستعانة التوحيدية لا تكون إلا بالله تعالى، ووجه الدلالة أن في الأية أسلوب الحصر، وذلك من خلال تقديم ما حقه التأخير، فلم يقل " أعبد إيَّاك"، وذلك لأن " تقديم المعمول من صيغ الحصر ".

، ونظير ذلك قوله تعالى {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ} وهذا أبلغ في الحصر، وقوله تعالى (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ) ففيه تقديم ما حقه التأخير لبيان حصر الملْك لله - تعالى - دون غيره.

٢ - القسم الثاني: الاستعانة المباحة:

وهى الاستعانة بالمخلوق، وهذه لا تشرع إلا بشروط ثلاثة:

أن يكون المستعان به: " حياً، حاضراً، قادراً "، فذكر الحي احترازاً من الاستعانة بالميت، وذكر الحاضر احترازاً من الاستعانة بالغائب، وذكر القادر احترازاً من الاستعانة بالمخلوق على أمر لا يقدر عليه إلا الله تعالى.

فإذا ما انتفى واحد من هذه الشرط الثلاثة صارت الاستعانة شركية، ومما يدل على مشروعية الاستعانة المباحة قوله صلى الله عليه وسلم:

" وَاللَّهُ فِي عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ". (٢)

ومن هذا الباب ما ورد عن أبي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ-رضي الله عنه- أَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ غُلَامَهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: أَعُوذُ بِاللهِ، قَالَ: فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ، فَقَالَ: أَعُوذُ بِرَسُولِ اللهِ، فَتَرَكَهُ، فَقَالَ


(١) أخرجه مسلم (٢٧٤٢)
(٢) أخرجه مسلم (٢٦٩٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>