للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَسْتَعِينُ (٥)) (الفاتحة/٥)، وهى أية عظيمة جامعة لنوعيى التوحيد: فقولنا " إيَّاكَ نَعْبُدُ " مبنية على توحيد الألوهية، وقولنا " وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " مبنية على توحيد الربوبيّة.

قال الشنقيطى:

قوله: (إياك نعبد) فيه إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يتوكل إلا على من يستحق العبادة; لأن غيره ليس بيده الأمر، وهذا المعنى المشار إليه هنا جاء مبيَّناً واضحاً في آيات أخر، كقوله: (فاعبده وتوكل عليه)، وقوله: (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ). (١)

* وقد ورد عن أبي هريرة -رضى الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال الله تعالى: قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، .... ، فإذا قال: {إياك نعبد وإياك نستعين} قال: هذا بيني وبين عبدي....). (٢)

وقد بيَّن ذلك ابن رجب معنى قوله تعالى (هذا بيني وبين عبدي)، فقال:

فالعبادة حق الله -تعالى-على عباده، ولا قدرة للعباد عليها بدون إعانة الله لهم، فلذلك

كانت هذه الكلمة بين الله وبين عبده، لأن العبادة حق الله على عبده، والإعانة من الله فضل من الله على عبده. (٣)

قال ابن كثير:

قال بعض السلف: الفاتحة سر القرآن، وسرها هذه الكلمة: {إياك نعبد وإياك نستعين} [الفاتحة: ٥] فالأول تبرؤ من الشرك، والثاني تبرؤ من الحول والقوة، والتفويض إلى الله عز وجل. (٤)

وهنا فوائد:

١) الأولى:

قد خص الله -تعالى - الاستعانة بالذكر رغم أنها داخلة في معنى


(١) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (١/ ٣٥)
(٢) أخرجه مسلم (٣٩٥)
(٣) روائع التفسير (١/ ٦٩)
(٤) تفسير القرآن العظيم (١/ ١٣٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>