للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستعان بغيره وكله الله -تعالى- إلى من استعان به فصار مخذولًا.

و كتب الحسن إلى عمر بن عبد العزيز: " لا تستعن بغيرِ اللَّهِ فيكِلَكَ اللَّهُ إليهِ ". (١)

وفي حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ:

كُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ يَقُولُ دَعَوَاتٍ لَا يَدَعُهُنَّ:

كَانَ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ ". (٢)

"قال العلامة السِعدى:

وقد جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث بين الإيمان بالقضاء والقدر والعمل بالأسباب النافعة، وهذان الأصلان دل عليهما الكتاب والسنة في مواضع كثيرة، ولا يتم الدين إلا بهما بل لا تتم الأمور المقصودة كلها إلا بهما؛ لأن قوله: "احرص على ما ينفعك" أمر بكل سبب ديني ودنيوي بل أمر بالجد والاجتهاد فيه، والحرص عليه نية وهمة وفعلاً وتدبيراً.

وقوله: "واستعن بالله" إيمان بالقضاء والقدر، وأمر بالتوكل على الله الذي الاعتماد التام على حوله وقوته تعالى في جلب المصالح، ودفع المضار مع الثقة التامة بالله في نجاح ذلك.

فالمتبع للرسول - صلى الله عليه وسلم - يتعين أن يتوكل على الله في أمر دينه ودنياه وأن يقوم بكل سبب نافع بحسب قدرته وعلمه ومعرفته. (٣)

*فرع:

فإن الاستعانة معناها طلب العون، والاستعانة على أقسام:

١) القسم الأول: الاستعانة التوحيدية التعبدّية:

وهى طلب العون من الله - تعالى - فيما لا يقدر عليه إلا الله، وثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال لابن عباس رضى الله عنهما:

«إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله». (٤)

وهذه التى نسأل الله -تعالى- إياها في كل صلاة فى قولنا (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ


(١) روائع التفسير (١/ ٧٤)
(٢) متفق عليه.
(٣) بهجة قلوب الأبرار (ص/٣٧)
(٤) أخرجه الترمذى (٢٥١٦) و أحمد (١/ ٣٠٨) وقال الترمذى: هذا حديث حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>