للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جوامع الكلم التى أوتيها الرسول صلى الله عليه وسلم، فهى جملة جامعة بين أصلين مهمين، وهى حسن تعلّق القلب بالله تعالى، مع سعي الجوراح في الأخذ بالأسباب المادية فقوله صلى الله عليه وسلم: «استعن بالله»: هذا هو التوكل.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «وَلَا تَعْجَزْ ": وهذا هو الأخذ بالأسباب. (١)

فسعي المرء حرصاً على ما ينفعه في أمر معاشه لا ينسّيه أن يكون حال سعيه مستعيناً بالله تعالى.

قال أبو العباس ابن تيمية:

في قوله صلى الله عليه وسلم " {احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ} أمر بالتسبَّب المأمور به وهو الحرص على المنافع، وأمر مع ذلك بالتوكل، وهو الاستعانة بالله تعالى، فمن اكتفى بأحدهما فقد عصى أحد الأمرين، ونهى عن العجز الذي هو ضد الكيس. (٢)

وقال رحمه الله:

لا تعجز عن مأمور ولا تجزع من مقدور، والإنسان بين أمرين:

أمر أُمِر بفعله فعليه أن يفعله ويحرص عليه ويستعين الله ولا يعجز، وأمر أصيب به من غير فعله فعليه أن يصبر عليه ولا يجزع منه؛ ولهذا قال بعض العقلاء ابن المقفع أو غيره الأمر أمران: أمر فيه حيلة فلا تعجز عنه وأمر لا حيلة فيه فلا تجزع منه. (٣)

قال ابن القيم:

«التوكل نصف الدين، والنصف الثاني الإنابة؛ فإن الدين استعانة وعبادة، فالتوكل هو الاستعانة، والإنابة هي العبادة. (٤)

ومن ترك الاستعانة بالله - تعالى-


(١) وقد ذكرنا في شرح حديث " السبعين الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب " أدلة الكتاب والسنة على أنه لا تعارض بين التوكل والأخذ بالأسباب، وأنه لا تعارض بينهما بحال. مما يغنى عن إعادة ذكره هنا.
(٢) مجموع الفتاوى (١٨/ ١٨٢)
(٣) المصدر السابق (١٦/ ٣٩)
(٤) مدارج السالكين (٢/ ١١٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>