للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعرف صدقهم من كذبهم، فهذا هو المحتمل، وليس أن يطلب منهم قضاء الحاجات.

٢ - إذا جاءت الخدمة من الجني بدون اتفاق وعهد فلا حرج فيها؛ لأنه قد تكون من الكرامة للإنسان. (١)

* عودٌ إلى حديث الباب:

قوله صلى الله عليه وسلم: " وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا ":

، وفيه من الفوائد أنه إذا وقع بعد حرصه على طلب ما ينفعه خلاف مطلوبه،

لا ينبغي له التأسّف، وقول: " لو أني فعلتُ كذا كان كذا " تسخّطًا لقدر الله

تعالى، بل الواجب أن يستسلم لقضائه وقدره، ولا يتسخّط؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- أعلمُ بمصالح عباده، فربما يكون عكس ما حرص عليه خيرًا إما في الدنيا، وإما في الآخرة، قال الله -عز وجل-: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٢١٦)} [البقرة: ٢١٦].

وقال: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: ١٩]،

بل الواجب عليه حينئذ أن يقول: "قدّر الله، وما شاء فعل".

والحاصل:

أن نزول المكروه الدنيوي على العبد المؤمن خير له؛ لأنه

إنما أصابه بما كسب من المخالفات، كما قال الله -سبحانه وتعالى {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (٣٠)} [الشورى: ٣٠]

ثم إن هذا الذي أصابه إما أن يكون تكفيرًا لِمَا اقترفه من السيئات، وهذا مطلب عظيم، وإما أن يكون رفعًا لدرجاته، وهذا أعلى وأغلى، والله تعالى أعلم. (٢)

**عودٌ إلى حديث الباب:

قوله صلى الله عليه وسلم: " وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل قدر


(١) ويراجع في هذه المسألة: إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل (١/ ٧٠٩) والتوضيح الرشيد في شرح التوحيد (ص/٩٢)
(٢) البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (٤١/ ٥٤٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>