للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو العباس ابن تيمية:

فقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (١١٢)} قال أهل التفسير من السلف: لا يخاف أن يظلم فيحمل عليه سيئات غيره، ولا يهضم فينقص من حسناته. (١)

* لذا فالقول ما قاله أهل السنة:

أن معنى الظلم المنفي عن الله - سبحانه وتعالى-هو وضع الشيء في غير موضعه، بأن يزيد في سيئاته أو أن يحمل عليه أوزار غيره، أو أن ينقصه من حسناته شيئاً. فالظلم المنفي عن الله - تعالى - ما هو ممكن، وليس ممتنعاً لذاته؛ لكنَّ الله -تعالى - نفاه عن نفسه ونزَّه نفسه عنه وحرَّمه على نفسه لأنه لا يليق به عز وجل؛ فإن الله - تعالى - لا يظلم لكمال عدله.

* الرد على الأشاعرة والجهمية:

١) هذا التفسير تفسير باطل، ولازمه الذى لا ينفك عنه هو نفي الحكمة عن الله عزوجل، ومعلوم أن كون الله - عز وجل- يعذب الناس بلا ذنب هذا عبث ولا حكمة فيه، ومثل هذا مما ينزه الله - تعالى - عنه.

قال الله سبحانه وتعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (٢٨)} (ص: ٢٨) وقال تعالى {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (٢١)} (الجاثية: ٢١).

* لذا فمن الخطأ البيِّن الذى راجع فيه أهل العلم صاحب العقيدة السفارينية فى قوله:

وَجَاز للْمولى يعذَّب الورى... من غير مَا ذَنْب وَلَا جرم جرى.

فَكل مَا مِنْهُ تَعَالَى يجمل... لِأَنَّهُ عَن فعله لَا يسْأَل.

فهذا القول الذي ذكره المؤلف ظن أنه مذهب أهل السنة، وليس هذا هو مذهب أهل السنة، بل هو مذهب الأشاعرة ومن وافقهم من متأخري بعض أهل السنة من


(١) مجموع الفتاوى (١٨/ ١٤٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>