للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المالكية والشافعية والحنابلة.

قال ابن العثيمين:

ولكن هذا القول باطل؛ لقول الله تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) (هود: ١١٧)، والتعليل لذلك بقوله " فَكل مَا مِنْهُ تَعَالَى يجمل.. " تعليل باطل؛ فتعذيب المطيع القائم بأمر الله -تعالى - ليلاً ونهاراً حتى مات، لا أحد يشك في أنه ظلم وأنه غير جميل.

أما التعليل الثاني في قوله: (لأنه عن فعله لا يسأل) فهذا صحيح، فالله - تعالى - لا يسأل عما يفعل، فلا يسأل لماذا هدي هذا الرجل حتى استقام، ولماذا أضل الآخر حتى انحرف، فلا يسأل عن هذا؛ لأن الله له الحكمة فيما قدَّر، لكن بعد أن يوجد السبب المقتضي للثواب أو العقاب، فلو أن الله -تعالى - عاقبه لكان هناك سؤال عن سبب معاقبة الله لهذا الرجل، ولهذا أيضاً يسقط هذا التعليل. (١)

* فإن قيل:

فإذا قال قائل: أليس الخلق كله ملكاً لله -تعالى - فله أن يفعل في ملكه ما شاء؟

فالجواب: بلى، ولكن نقول: هو نفسه - عز وجل- أخبر بأنه لا يمكن أن يظلم أحداً، ولا يمكن أن يعذب طائعاً، فيكون هذا الشيء - أي تعذيب المطيع - ممتنعاً بمقتضى خبر الله عز وجل، وبمقتضى أسمائه وصفاته، وأنه عز وجل احكم الحاكمين واعدل العادلين. (٢)

وعليه فنسبة ذلك غلط على أهل السنة، كما قرر هذا شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وكثير من محققي العلم، والمذهب المنسوب إلى السلف هو ما تقدم تقريره من أن الله لا يعذِّب إلا بذنب.

* يؤيده ما يلى:

١ - الأدلة الشرعية التى نصت على عدم إيقاع العقاب على من كان معذوراً بجهله،


(١) شرح العقيدة السفارينية (ص/٣٤١)
(٢) المصدر السابق (ص/٣٤١)

<<  <  ج: ص:  >  >>