للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنه أحد تلامذته، وهو أبو حفصٍ البزَّار، حيث قال:

"ولقد أكثر شيخ الإسلام- رضي الله عنه- التصنيف في الأصول، فضلًا عن غيرها من بقية العلوم، فسألته عن سبب ذلك، فقال:

إني رأيتُ أهل البدع والضلالات والأهواء قصدوا إبطال الشَّرِيعَة، وأوقعوا النَّاس فِي التشكيك فِي أصول دينهم، فبان لي أنه يجب على كل من يقدر على دفع شُبَههم وأباطيلهم وَقطع حجتهم وأضاليلهم أن يَبْذُلَ جُهده ليكشف رذائلهم، ويُزيِّف دلائلهم ذبًّا عَن المِلّة الحنيفية والسّنّة الصحِيحَة الجليّة.

فهذا ونحوُه هو الذي أَوْجَبَ أنّي صرَفتُ جُلَّ همّي إلى الأصول، وألزمَني أن أوردتُ مقالاتِهم وأجبتُ عنها بما أنعم الله- تعالى- به من الأجْوبة النقلية والعقلية". (١)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:

"ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة؛ فإنّ بيان حالهم وتحذيرَ الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمدَ بنِ حنبل:

الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحبُّ إليك، أوْ يتكلم في أهل البدع؟

فقال:

إذا قام وصلَّى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين، هذا أفضلُ". (٢)

* وما فَتِئَ علماءُ الأمة و حُماة المِلّة يسطِّرون فى الرد على أهل البدع والأهواء،

وأمثلة ذلك لا حصر لها، لكن من باب التمثيل نذكر:

الرد على الجهمية والزنادقة للإمام أحمد بن حنبل، والرد على المنطقيِّين لشيخ الإسلام ابن تيمية، والصواعق المرسَلة على الجهمية والمعطّلة لابن قيّم الجوزية، والرد على الجهمية للدارمي... وغير ذلك كثير.

*ولا شكَّ أن الرد على أهل البدع وكسْرَ أقلامهم وقمْعَ نَهْجهم هو ضَرْبٌ من ضُروب الجهاد في سبيل الله تعالى.


(١) الأعلام العلية في مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية (ص/٣٥).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٨/ ٢٣١)، وطبقات الحنابلة (٣/ ٤٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>