للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأداء الفرائض، ويتزلف لرب البرية بالسنن والنوافل حتى يفتح عليه بالتوفيق والتسديد، فيكون عبداً موفقاً فى سمعه وبصره ولسانه، فلا يسمع ولا يبصر ولا يتكلم ولا يخطو خطوة إلا فيما يكون موافقاً لمرضاة الله عزوجل.

قال أبو العباس ابن تيمية:

فالملاحدة والاتحادية يحتجون به على قولهم لقوله: " كنت سمعه وبصره ويده ورجله "، والحديث حجة عليهم من وجوه كثيرة:

- منها قوله: {من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة}، فأثبت معادياً محارباً وولياً غير المعادي، وأثبت لنفسه سبحانه هذا وهذا.

ومنها قوله: {وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه} فأثبت عبداً متقرباً إلى ربه، ورباً افترض عليه فرائض.

ومنها قوله: {ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه} فأثبت متقرباً ومتقرباً إليه، ومحباً ومحبوباً غيره. وهذا كله ينقض قولهم: الوجود واحد. (١)

وقال رحمه الله:

والحديث حق كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإن ولي الله لكمال محبته لله وطاعته لله يبقى إدراكه لله وبالله و عمله لله وبالله؛ فما يسمعه مما يحبه الحق أحبه، وما يسمعه مما يبغضه الحق أبغضه، وما يراه مما يحبه الحق أحبه، وما يراه مما يبغضه الحق أبغضه؛ ويبقى في سمعه وبصره من النور ما يميز به بين الحق والباطل. (٢)

وقال رحمه الله:

وفي رواية في غيرالصحيح: {فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي} (٣).


(١) مجموع الفتاوى (٢/ ٣٧١)
(٢) المصدر السابق (٢/ ٣٧٣)
(٣) تنبيه مهم:
رواية " فبي يسمع وبي يبصر... " فقد أوردها ابن حجر في الفتح (١١/ ٣٤٤) نقلاً عن الطوفي، ولم يعزها إلى أي مصدر.
وقد ذكرها الحكيم الترمذى فى " نوادر الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم" (١/ ٢٦٥) دون سند.
ولما ذكر الذهبي ترجمة " إسماعيل بن عز القضاة "، قال: وكان شيخنا ابن تيمية يعظِّمه ويبالغ، حتى وقف على أبيات له أولها:
وحياتكم ما إن أرى لكم سوى... إذ أنتم عين الجوارح والقوى
فتألم له، وقال: هذا الشعر عين الاتحاد.
قلت: إنما أراد أن ينظم قوله عليه السلام: «فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به». الحديث. فقال: سياق الحديث يدل على بطلان هذا. وهو قوله: فبي يسمع وبي يرى، وما في الحديث أن الباري تعالى يكون عين الجوارح، تعالى الله عن ذلك.
قلت (أى الذهبى): لم أجد هذه اللفظة «فبي يسمع، وبي يبصر» إلخ. . (تاريخ الإسلام (٥١/ ٣٦١))
قال الشيخ الألباني (الصحيحة ٤/ ١٩١) "ولم أر هذه الزيادة عند البخاري ولا عند غيره ممن ذكرنا من المخرجين"
وقد حكم الشيخ عبد العزيز الجليل بضعفها في تحقيقه لمدارج السالكين (٢/ ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>