للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانوا قد طَلَوْا أجسادهم بالدهن: اغسلوها ثم ادخلوها لو كنتم صادقين، فبيّن عوارهم، وكشفَ دجلهم وباطِلهم أمام الناس مجتمعينَ.

** فمن كان عنده من العلم ما يمكّنه من نصح هؤلاء العرَّافين والدجالين، فتَواصَلَ معهم، أو أتاهم في أماكنهم لينكر عليهم ويبين لهم حكم الشرع فيما يفعلون- لم يكن ذلك إتياناً محرماً؛ بل هو مشروع مأمور به في حق القادر عليه، إما وجوباً، وإما استحباباً، أيّاً كانت وسيلة التواصل معهم.

٢) الحالة الثانية:

أن يأتي رجلٌ الكاهنَ فيسأله عن شيء مجرد السؤال، دون أن يصدقه؛ فهذا محرم وكبيرة من الكبائر، وقد رتب عليها الشرع وعيداً كبيراً.

روى مسلم عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ أَتَى عَرَّافاً فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» (١)، وهذا وعيد شديد، فالجرم العظيم الذي وقع فيه هذا الذي ذهب إلى العرَّاف قد عادل ثواب الصلاة في أربعين صباحاً، فأسقطَه، وذلك مع كون الصلاة صحيحة. (٢)

** إذن فمعنى قوله-صلى الله عليه وسلم-: «لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ...»:

أنه لا ثواب له فيها، وإن كانت مُجْزئة في سقوط الفرض عنه، ولا يحتاج معها إلى إعادة، فصلاة الفرض وغيرها من الواجبات إذا أتى بها المرء على وجهها الكامل ترتَّبَ عليها أمران:

الأول: سقوط المطالبة، وبراءة الذمة.

الثانى: ترتُّب الأجر عليها.


(١) أخرجه مسلم (٢٢٣٠).
(٢) قوله -صلى الله عليه وسلم-: «لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً» قال المناوي: "وخَصَّ الصلاةَ لكونها عِمادَ الدين؛ فصومُه كذلك" فيض القدير (٦/ ٢٢) قلتُ: وظاهر النص قصْر ذلك على الصلاة، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>