للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ولاشك أن البلاء، وإن كان واقعاً ولا بد، فإن حصوله فى أمور الدنيا أهون من حصوله فى أمر الدين، لذا فقد كان من دعائه صلى الله عليه وسلم: " وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا " (١).

وفى مثل هذا المعنى قد قَالَ يوسف عليه السلام (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) (يوسف/٣٣)

* نقول:

حتى ما يقدِّره الله -عزوجل- على أولياءه من المحن والبلاء فإنما يقع لحكم عظيمة، منها:

١ - أن يكون هذا إظهاراً لصدقهم:

فيثبت أهل الإيمان، ويُفضح أهل النفاق، قال تعالى (وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (١٦٦) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ) (آل عمران/١٦٦ - ١٦٧)

وقال تعالى (الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) (العنكبوت/١ - ٢ - ٣)

٢ - وقد يكون هذا رفعة لدرجاتهم وتكفيراً لسيئاتهم:

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رضى الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:

... «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ، وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ». (٢)

* الفائدة الثانية: قوله صلى الله عليه وسلم: " احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ.. "

والمعنى: أنه بحفظ حدود الله -تعالى- يُرزق العبد المعية الخاصة، ومعية الله -عزوجل - الخاصة معناها أنه سبحانه يحوطه وينصره ويحفظه ويوفقه ويؤيده ويسدده.

فمن راعى حدود الله - عزوجل - وجد الله معه في كل أحواله، حيث توجه، يحوطه، وينصره، ويحفظه ويوفقه ويسدده {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: ١٢٨] ".

إنها معية الله -تعالى- لأنبيائه وأوليائه، قال تعالى (ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ


(١) أخرجه الترمذى (٣٥٠٢) وصححه الألبانى فى صَحِيح الْجَامِع (١٢٦٨)
(٢) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>