للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصل إيراد هذه المسألة في العقائد إنما جاء لأجل أن الخوارج والجهمية والفلاسفة وأهل الكلام ينكرون عذاب القبر.

ونظير ذلك ما أورده البربهاري في "شرح السنة" من ذكره لمسائل المسح على الخفين؛ وذلك لأن الروافض لم تقل بها، وذكره لمسألة الصلاة فى السراويل رداً على من كرهها من الهادوية.

* الأيات الدالة على إثبات عذاب القبر:

قوله تعالى (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) (الأنعام: الآية ٩٣)

فقال سبحانه (الْيَوْمَ) يعني يوم إخراج أنفسهم، أي يوم موتهم يجزون عذاب الهون.

قال ابن القيم:

فقول الملائكة «اليوم تجزون عذاب الهون» المراد به: عذاب البرزخ الذي أوله يوم القبض والموت. (١)

وقال تعالى في آل فرعون (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) (غافر: ٤٦) فقال: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً). وذلك قبل قيام الساعة؛ فإنه تعالى قال بعدها (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ).

قال ابن كثير:

هذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبور. (٢)

وقال تعالى عن قوم نوح عليه السلام: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا} (نوح/)


(١) تفسير القرآن الكريم (ابن القيم) (ص/٣٧٦)
(٢) وقد نص على مثل ذلك الزمخشرى، وانظر تفسير القرآن العظيم (٧/ ١٤٦) والكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (٤/ ١٧٠) واعتقاد أئمة الحديث للإسماعيلى (ص/٦٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>