للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سقوطها من ذمتهم. (١)

لذا فإن مذهب أهل السنة أن السيئات لا تُبطل الحسنات، ولا يُحبطها شئ إلا الكفرُ، وأن المراد بمعاقبته بترك قبول صلاته، هو قبول الرِّضا، وتضعيف الأجر، لا قَبول الأداء وسقوط العهدة. (٢)

... وتأملْ: إذا كان هذا حال السائل، فكيف بحال المسئول؟!!!

٣) الحالة الثالثة:

أن يأتيَ الكاهنَ فيسأله، ويصدقه بما أخبر به؛ فهذا كفر بالله -عز وجل- لأنه قد صدَّقه في دعوى علمه الغيبَ؛ والتصديق لدعوى علم الغيب تكذيب لقول الله-تعالى-: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ...} [النمل: ٦٥]، ولهذا جاء في حديث الباب: «من أتى كاهناً فصدّقه بما يقول فقد كفرَ بما أنزل على محمد-صلى الله عليه وسلم-». (٣)

قال الإمام البدر العينتابي (٨٥٥ هـ) في شرح حديث المفاتيح: "مَن ادّعى أنه يعلم


(١) المنار المنيف (ص/١٥)
(٢) إكمال المُعْلِم بفوائد مسلم (٧/ ١٥٤) والمُفْهِم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٣/ ٢١٥)
(٣) هذه الرواية قد سبق تخريجها أولَ الرسالة، وفيها زيادة لفظة "فصدَّقَه"، وهي ليست مروية عند مسلم في الصحيح، ولكن قد عَزاها لصحيح مسلم بعضُ كتب أهل العلم قديماً، منها: كتاب الترغيب والترهيب للمُنذري، ورياض الصالحين للنووي، ومنتقى الأخبار لابن تيمية الجَدّ، وفتاوى الرملي، والزواجر عن اقتراف الكبائر للهيتمي، وغذاء الألباب للسفاريني، وكتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب.
وقد رد الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد عبد الوهاب على جَدِّه -مؤلف كتاب التوحيد- نسبتَها لمسلم في [تيسير العزيز الحميد] (ص: ٣٤٧)، فقال: "هذا الحديث رواه مسلم كما قال المصنف، ولفظه: حدثنا محمد بن المثنَّى العنْزي، ثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله -في نسخة: عبد الله- عن نافع عن صفية عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تُقبل له صلاة أربعين يوماً وليلةً» ـ هكذا رواه، وليس فيه: "فصدَّقَه". اهـ.
* وزيادة "فصدَّقَه" ثابتة في غير صحيح مسلم، فقد رواها الإمام أحمد بلفظ «من أتى عرافاً فصدقه بما يقول لم تُقبل له صلاة أربعين يوماً». وقال الأرناؤوط والألباني: "إسناده صحيح على شرط مسلم". اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>