للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال سفر الحوالى:

فالقوم كما ترى ملتزمون بتقديم العقل وحكمه بالإمكان وعدم الاستحالة، ثم يوردون الأدلة السمعية مؤيدةً وظهيرةً، ومع هذا فالباب عندهم هو باب (السمعيات)!! (١)

وقد نقض شيخ الإسلام ابن تيمية هذا التأسيس من أصله، فقال رحمه الله:

ومن قال: أنا أثبت من السمعيات ما لم يخالفه العقل لم يكن لقوله ضابطٌ، فإنه تصديق بالسمع مشروطًا بعدم جنسٍ لا ضابط له ولا منتهى، وما كان مشروطًا بعدم ما لا ينضبط لم ينضبط، فلا يبقى مع هذا الأصل إيمان. (٢)

والمعنى:

أن عدم مخالفة العقل أمرٌ غير منضبط، فالعقول تختلف، وأوجه المخالفة تختلف، فإذا علقنا التصديق بثبوت شيء عليها، فقد علقناه على أمرٍ غير منضبط.

وقال رحمه الله:

لا يجوز أن يخبر الرسل بشيء يعلم بالعقل الصريح امتناعه، بل لا يجوز أن يخبروا بما لا يعلم بالعقل ثبوته فيخبرون بمحارات العقول لا بمحالات العقول، ويجوز أن يكون في بعض ما يخبرون به ما يعجز عقل بعض الناس عن فهمه وتصوره؛ فإن العقول متفاوتة. (٣)

* الحاصل أن الأصل فى تعامل الأشاعرة مع النصوص الشرعية، وتقسيمها إلى) إلهيات، سمعيات، نبوات) إنما يعود فى الحقيقة على مدى موافقتها للعقل لمن عدمه، على طريقة:

" وما آتاكم العقل فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا "، فيزعمون أن ما خالف العقل فليس بمقبول، ولو جاء به كل منقول!!!

وفى حقيقة الأمر


(١) منهج الأشاعرة في العقيدة (ص/٥٩)
(٢) درء تعارض العقل والنقل (١/ ١٧٧)
(٣) بيان تلبيس الجهمية (١/ ٣٣٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>