للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى (وإن من شئ الا يسبح بحمده)، قالوا معناه: وإن من شئ حي، ثم قالوا حياة كل شئ بحسبه. (١)

قال ابن عابدين:

ويؤخذ من الحديث ندب وضع ذلك للاتباع، ويقاس عليه ما اعتيد في زماننا من وضع أغصان الآس ونحوه. (٢) وقد نقل السيوطى عمن لم يسمه ما نصه:

" هذا الحديث أصل في غرس الأشجار عند القبور" (٣)

والراجح -والله أعلم- أن التخفيف عن القبرين إنما حصل ببركة يده الشريفة - صلى الله عليه وسلم - وشفاعته لهما.

* يدل عليه:

ما ورد فى حديث جابر -رضى الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له:

... «فَانْطَلِقْ إِلَى الشَّجَرَتَيْنِ فَاقْطَعْ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غُصْنًا، فَأَقْبِلْ بِهِمَا، قَالَ جَابِرٌ:

فَأَتَيْتُ الشَّجَرَتَيْنِ فَقَطَعْتُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غُصْنًا، ثُمَّ أَقْبَلْتُ فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ، يَا رَسُولَ اللهِ فَعَمَّ ذَاكَ؟

قَالَ: «إِنِّي مَرَرْتُ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ، فَأَحْبَبْتُ بِشَفَاعَتِي، أَنْ يُرَفَّهَ عَنْهُمَا، مَا دَامَ الْغُصْنَانِ رَطْبَيْنِ». (٤)

فقوله صلى الله عليه وسلم: " فَأَحْبَبْتُ، بِشَفَاعَتِي أَنْ يُرَفَّهَ عَنْهُمَا ":

قد دل على أن ذلك مداره على الخصوصية، لحصول شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم-

بذات فعله.

*فدل ذلك على أن الحكمة من وضع الجريد وإن لم تظهر في حديث الباب فقد وردت فى حديث جابر رضى الله عنه، لأن الظاهر أن القصة واحدة، كما رجح ذلك القرطبى والنووى. (٥)

حتى ولو قيل بأن الواقعتين مختلفتان، فى حديثى ابن عباس وجابر رضى الله عنهم، كما


(١) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (٣/ ٢٠٢)
(٢) رد المحتار على الدر المختار (٢/ ٢٤٥)
(٣) شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور (ص/٣٠٥)
(٤) أخرجه مسلم (٣٠١٢) ومعنى (أن يرفه عنهما): أي يخفف.
(٥) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (١/ ٥٥٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>