للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ...» (١).

** وفي حديث جبريل -عليه السلام- لما سأل النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- عن الساعة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ما المسئولُ عنها بأَعْلَمَ مِنَ السّائِلِ». وقد استنبط العلماء من هذا الحديث أن الملائكة لا يعلمون متى الساعةُ. ...

** ولما سمع النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جاريةً تقول: "وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدِ" قَالَ لها -صلى الله عليه وسلم-: «دَعِي هَذِهِ، وَقُولِي بِالَّذِي كُنْتِ تَقُولِينَ؛ ما يَعلمُ ما في غَدٍ إلا اللهُ» (٢).

٢) القسم الثاني- الغيب النسبي) متعلق بالمخلوق):

وهو الذي يتعلق بالمخلوق، أي: يعلمه بعض المخلوقين ولا يعلمه بعضهم، فيكون بالنسبة لك غيباً، وبالنسبة لغيرك معلوماً، فهذا إنما يُسمى غيبٌ بالنسبة للجاهل به الذي لا يعلمه، وليس بغيبٍ للذي يَعلمه. ** ومثال ذلك: في قول عيسى -عليه السلام- لقومه: {... وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ...} [آل عمران: ٤٩].

** والآيات في ذلك كثيرة، ومنها ما يلي:

الحوادث التاريخية، فإنها غيب بالنسبة لمن لم يَعلم بها، لذلك قال الله -تعالى- للنبي -صلى الله عليه وسلم-: {ذَلِكَ مِنْ أنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} [آل عمران: ٤٤]، وقوله -تعالى-: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ...} [الجن: ٢٦ - ٢٧]، وفي قوله: {... وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ...} [آل عمران: ١٧٩].

وبهذا يتبين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يعلم الغيب علماً كليّاً، وإنما كان يعلمه علماً


(١) أخرجه أحمد (٤٣١٨)، وانظر الصحيحة (١٩٩).
(٢) أخرجه البخاري (٣٧٧٩) والترمذي (١٠٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>