للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك قد حكى التلمسانى في بغية الطالب (ص/٢٧٨) القول بإثبات صفة اليد عن ابن كلاب والقلانسي والجويني.

قال أبو المعالي:

ذهب بعض أئمتنا إلى أن اليد والعين والوجه صفات ثابتة للرب، والسبيل إلى إثباتها السمع دون قضية العقل. (١)

*أما دعوى أن المراد باليد هى القدرة فمردود من أوجه:

١ - الوجه الأول:

قال تعالى (يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) [ص: الأية ٧٥]

قد دل على تشريف وتكريم خُص به آدم - عليه السلام- دون غيره، وهذا التشريف لا يحصل إلا إذا كان قد خُلق بيد الله -تعالى- التى هى صفة من صفاته؛ إذ لو كانت اليد هى القدرة:

أ- لما تحقق هذا التكريم والتشريف لآدم عليه السلام؛ إذ أن الجميع مخلوق بقدرته تعالى.

ب- ولكانت الحجة لإبليس على ربه عزوجل؛ إذ أنه مخلوق بقدرة الله عزوجل، فلما حاد إبليس عن هذا الطريق إلى قوله (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)، دل ذلك أنه فهم أن آدم - عليه السلام- قد خُص بما لم يقع لغيره، وهو أنه خُلق بيد الله تعالى.

٢ - الوجه الثانى:

ما ورد عن أَبِي هُرَيْرَةَ-رضى الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: " يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ، وَقَالَ: عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وَبِيَدِهِ الأُخْرَى المِيزَانُ، يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ " (٢)

وفي هذا الحديث: إبطال لكل تأويل قيل في يد الله تبارك وتعالى؛ لأنه ذكر اليمين


(١) التوضيح لشرح الجامع الصحيح (١/ ٢٢٣)
(٢) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>