للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنها ملأى لا يغيضها نفقة، ثم ذكر اليد الأخرى. فهل يقال: قدرته الأخرى أو قوته الأخرى؟!! (١)

فإن قيل:

إنما أضيف ذلك إلى آدم ليوجب له تشريفا وتعظيما على إبليس، ومجرد النسبة في ذلك كاف في التشريف، كناقة الله، وبيت الله، فهذا كاف في التشريف، وإن كانت النوق والبيوت كلها لله؟

فالرد على ذلك:

التشريف بالنسبة إذا تجردت عن إضافة إلى صفة اقتضى مجرد التشريف، فأما النسبة إذا اقترنت بذكر صفة أوجب ذلك إثبات الصفة التي لولاها ما تمت النسبة، فإن قولنا: خلق الله الخلق بقدرته، لمَّا نُسب الفعل إلى تعلقه بصفة الله اقتضى ذلك إثبات الصفة، فكذلك هنا لما كان ذكر التخصيص مضافاً إلى صفة وجب إثبات تلك الصفة على وجه يليق بجلال الله وعظمته. (٢)

٣ - الوجه الثالث:

لما أسندت بعض الأعمال إلى يد الله -عزوجل- على سبيل التشريف، كما فى قول موسى لآدم (خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ)، وقول آدم لموسى (كَتَبَ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ) دل ذلك على أنها يد حقيقية، فلو كانت اليد هى القدرة لم يكن لذكر هذه الفضائل فائدة؛ إذ أن كل شيء واقع ومتحقق بقدرة الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

*أما دعوى أن المراد باليد هى النعمة، فيقال:

قد قَالَ تعالى (يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) (ص/٧٥)، فقد وردت اليد بصيغة التثنية، فيمتنع أن تكون على معنى النعمة، إذ أن نعم الله لا تحصى بعدد، قال تعالى (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (النحل /١٨)

قال الميموني: قال الإمام أحمد: من زعم أن يديه: نعمتاه، كيف يصنع بقوله

{خلقت بيدي} [ص: ٧٥]، مشددة؟! (٣)


(١) تذكرة المؤتسي (ص/١٠٥)
(٢) لوامع الأنوار البهية (١/ ٢٣١)
(٣) إبطال التأويلات (١/ ١٦٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>