للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو الحسن الأشعرى:

وإذا كان الله -عز وجل- إنما خاطب العرب بلغتها وما يجري مفهوما في كلامها، ومعقولاً في خطابها، وكان لا يجوز في خطاب أهل اللسان أن يقول القائل:

فعلت بيدي، ويعني النعمة؛ بطل أن يكون معنى قوله تعالى: (بيدي) النعمة. (١)

قال أبو العباس ابن تيمية:

فقوله: {لما خلقت بيديَّ} لا يجوز أن يراد به القدرة؛ لأن القدرة صفة واحدة ولا يجوز أن يعبر بالاثنين عن الواحد. ولا يجوز أن يراد به النعمة لأن نعم الله لا تحصى؛ فلا يجوز أن يعبر عن النعم التي لا تحصى بصيغة التثنية. (٢)

*فإن قلتم:

قد ورد فى لغة العرب استعمال اليد بمعنى النعمة، كما فى قول عروة بن مسعود لأبي بكر-رضي الله عنه- في يوم الحديبية:

" أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا يَدٌ لَكَ عِنْدِي لَمْ أَجْزِكَ بِهَا لَأَجَبْتُكَ "

فجوابه من وجوه:

١ - نعم تستعمل اليد فى لغة العرب على معنى " النعمة"، وهذا من باب السَّببيَّة: وهي كون الشيء المنقول عنه سببًا، ومؤثرًا في غيره؛، فالمرء إنما يعطى الخير ويبذل العطاء بيده، ولكن لا يتصور إطلاق اليد ويراد بها النعمة إلا لمن كانت له يد على الحقيقة، كما أنه غير متصور أن يقال لشخص:

" اجعلنى بعينك "، ويقصد اجعلنى برعايتك، إلا إذا كان هذا الشخص ذا عينين حقيقيتين.

٢ - ما ورد من متعلقات ذكر اليد فى حق الله تعالى، من ذكر القبض والبسط والهز والأصابع والأنامل والكف، فمثل هذا لايكون إلا ليد على الحقيقة، على ما يليق به سبحانه.


(١) الإبانة عن أصول الديانة (ص/٩٨)
(٢) مجموع الفتاوى (٦/ ٣٦٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>