للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال عثمان بن سعيد الدارمي:

قد علمتَ أيها المريسي أن هذه تفاسير مقلوبة، خارجة من كل معقول لا يقبله إلا كل جهول.

فإذا ادعيت أن اليد عرفت في كلام العرب أنها نعمة، وقوة، قلنا لك: أجل، ولسنا بتفسيرها منك أجهل، غير أن تفسير ذلك يستبين في سياقة كلام المتكلم حتى لا يحتاج له من مثلك إلى تفسير.... (١)

*فترتب على ذلك:

أن القول بتأويل اليدين بالقدرتين أو النعمتين غير جائز، لأن التثنية في {بِيَدَيّ} يبطل القول بالتأويل؛ لأن التشديد تحقيق في التثنية، وتخصيص التثنية في نعم الله وقدرته ليس له معنى يصح، لأن قدرة الله واحدة لا حدود لها، ونعمه كثيرة لا تحصى، فلا يصح تأويل {بِيَدَيّ} بقدرتي أو بنعمتي، لعدم جواز انحصار قدرة الله ونعمه في عدد.

* كذلك مما يرد تأويل اليدين على معنى القدرة والنعمة:

١ - قوله تعالى عن آدم -عليه السلام - لمَّا ذكر خلقه (قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

إذا أضاف الفعل إلى الفاعل، وعدِّى الفعل إلى اليد بحرف الباء، كقوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} فإنه نص في أنه فعل الفعل بيديه؛ ولهذا لا يجوز لمن تكلم أو مشى أن يقال: فعلت هذا بيديك، ويقال: هذا فعلته يداك؛ لأن مجرد قوله: فعلت، كافٍ في الإضافة إلى الفاعل، فلو لم يرد أنه فعله باليد حقيقة كان ذلك زيادة محضة من غير فائدة، ولست تجد في كلام العرب ولا العجم إن شاء الله تعالى أن فصيحًا يقول: فعلت هذا بيدي، أو فلان فعل هذا بيديه، إلا ويكون فعله بيديه حقيقة، ولا يجوز أن يكون لا يد له، أو أن يكون له يد والفعل وقع بغيرها. (٢)


(١) نقض عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد (ص/٣٩)
(٢) وانظرالرسالة المدنية (ص/١١) والتأويل خطورته وآثاره (ص/٥٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>