للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَن صدَّقه في ذلك على تفصيل:

١) من ادَّعى علم الغيب المطلق فقد كفرَ؛ لأنه مكذب لله -عز وجل-، قال الله -تعالى-:

{قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النمل: ٦٥]، وإذا كان الله -عز وجل- قد حجبَ عن نبيه -صلى الله عليه وسلم- علم الغيب، فهل أنتم تعلمونه؟!

كذلك فإن علم الغيب هو من اختصاص الله -عز وجل-، فمن ادّعى معرفته فقد جعل نفسه شريكاً لله-تعالى-في ذلك!

** كذلك يقال هنا:

"لمَّا تَمَدَّحَ -سُبحانَه- بعلم الغيب واستأثَرَ به دُونَ خَلْقِه، كان فيه دليلٌ على أنه لا يعلم الغيب أحدٌ سواه، ثم استثنى من ارتضاه من الرسل فأودعَهم ما شاء من غيبه بطريق الوحي إليهم، وجعلَه معجزة لهم، ودلالة صادقة على نُبوّتهم، وليس المنجِّم ومَن ضاهاه ممن يضرب بالحصى، وينظر في الكتب، ويزجر بالطير- ممن ارتضاه من رسول فيُطلعه على ما يشاء من غيبه؛ بل هو كافر بالله، مفترٍ عليه بحدسه وتخمينه وكذبه". (١)

** ومن اعتقد في منجم أو رَمَّال أنه يعلم الغيب فهو مشرك بالله؛ وذلك لأنه اعتقد في غير الله -تعالى- ما لا يُعتقد إلا في الله -عز وجل-.

* قال السعدي:

"فإن الله -تعالى- هو المنفرد بعلم الغيب، فمن ادعى مشاركة الله في شيء من ذلك بكِهانة أو عِرافة أو غيرهما، أو صدّقَ من ادّعى ذلك، فقد جعل لله شريكاً فيما هو مِن خصائصه، وقد كذَّب اللهَ ورسولَه". (٢)

... فالذي أُنزِل على محمد هو قول الله -تعالى {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ...} [النمل: ٦٥]، وهذا من أقوى طرق الحَصْر; لأن فيه النفي والإثبات; فالذي


(١) الجامع لأحكام القرآن (١٩/ ٢٨).
(٢) القول السديد (ص/١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>