للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليها، وضعف دواعيها عنده - وإن كان لا يعذر أحد بذنب - لكن لمَّا لم يكن إلى هذه المعاصي ضرورة مزعجة، ولا دواعي معتادة، أشبه إقدامهم عليها المعاندة والاستخفاف بحق الله تعالى، وقصد معصيته، لا لحاجة غيرها؛ فإن الشيخ لكمال عقله، وضعف أسباب الجماع والشهوة للنساء، عنده ما يريحه من دواعي الحلال في هذا، فكيف بالزنا الحرام؟!

وكذلك الإمام لا يخشى من أحد من رعيته، ولا يحتاج إلى مداهنته ومصانعته؛ فإن الإنسان إنما يداهن ويصانع بالكذب وشبهه من يحذره، ويخشى أذاه ومعاتبته، أو يطلب عنده بذلك منزلة أو منفعة، وهو غني عن الكذب مطلقاً.

وكذلك العائل الفقير، قد عُدِم المال، وإنما سبب الفخر والخيلاء والتكبر والارتفاع على القرناء، الثروة في الدنيا، لكونه ظاهراً فيها؛ فإذا لم يكن عنده أسبابها، فلماذا يستكبر ويحتقر غيره؟!

فلم يبق فعله، وفعل الشيخ الزاني، والإمام الكاذب، إلا لضرب من الاستخفاف بحق الله تعالى. (١)

٢ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم-: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: .. وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللهِ ". (٢)

وإنما خص الشاب لكونه مظنة غلبة الشهوة، لما فيه من قوة الباعث على متابعة الهوى؛ فإن ملازمة العبادة مع ذلك أشد، لذا فقد ورد عن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ-رضى

الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" إِنَّ اللهَ لَيَعْجَبُ مِنَ الشَّابِّ لَيْسَتْ لَهُ صَبْوَةٌ ". (٣)

٣ - وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه - قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثَلَاثَة يُحِبهُمْ الله، ويضحك إِلَيْهِم، ويستبشر بهم:

الَّذِي إِذا انكشفت فِئَة، قَاتل وَرَاءَهَا بِنَفسِهِ لله عز وَجل؛ فإمَّا أَن يُقتل، وَإِمَّا أَن ينصره الله عزوَجل، ويكفيه؛ فَيَقُول: انْظُرُوا إِلَى عَبدِي هَذَا، كَيفَ صَبر لي بِنَفسِهِ،


(١) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (١/ ٣٩٣)
(٢) متفق عليه.
(٣) أخرجه أحمد (١٧٣٧١)، انظر الصحيحة (٢٨٤٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>