للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالَّذِي لَهُ امْرَأَة حَسَنَة، وفراش لين حسن؛ فَيقوم من اللَّيْل، فَيَقُول:

يذر شَهْوَته، ويذكرني، وَلَو شَاءَ رقد، وَالَّذِي إِذا كَانَ فِي سفر، وَكَانَ مَعَه ركب، فسهروا، ثمَّ هجعوا؛ فَقَامَ من السحر، فِي ضراء وسراء. (١)

* وحديث الباب شاهد لهذه القاعدة:

فإن المشرك يعلم قطعاً ويقيناً أن الله -تعالى- هو خالقه، ورغم ذلك تراه يتوجه لغير الله -تعالى- بالعبادة والدعاء.

وهذا نحو قوله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢٢]، ومعناه:

أن اتّخاذ الإنسان إلهًا غير خالقه المنعم عليه، مع علمه بأن ذلك المتَّخَذ ليس هو الذي خلقه، ولا الذي أنعم عليه، من أقبح القبائح، وأعظم الجهالات، وعلى هذا، فذلك أكبر الكبائر، وأعظم العظائم. (٢)

قال الطبرى:

نهاهم الله -تعالى-أن يشركوا به شيئاً، وأن يعبدوا غيره، أو يتخذوا له نداً وعدلًا في الطاعة، فقال: كما لا شريك لي في خلقكم، وفي رزقكم الذي أرزقكم وملكي إياكم، ونعمي التي أنعمتها عليكم فكذلك فأفردوا لي الطاعة، وأخلصوا لي العبادة، ولا تجعلوا لي شريكا وندا من خلقي، فإنكم تعلمون أن كل نعمة عليكم فمني. (٣)

وكذلك الذي يقتل ولده مخافة أن يطعم معه، وهو في نفسه يطلب من الله طعمته، فماذا عليه من غيره حتى يقتله؟!

وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ»

قال النووي:

ومعنى تزاني: أى تزني بها برضاها، وذلك يتضمن الزنى وإفسادها على زوجها واستمالة قلبها إلى الزاني، وذلك أفحش وهو مع امرأة الجار أشد قبحاً


(١) رواه الحاكم في "المستدرك" (٦٨)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (٩٣١)، وقال الهيثمي في "المجمع" (٢/ ٥٢٥): " رجاله ثقات "، وحسنه الألباني في "الصحيحة" (٣٤٧٨)، وفي "صحيح الترغيب والترهيب" (٦٢٩).
(٢) المفهم (١/ ٢٨٠)
(٣) جامع البيان في تأويل القرآن (١/ ٣٧٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>