للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولله؛ فإن هؤلاء أشركوا بالله في المحبة فجعلوا المحبة مشتركة بينه وبين الأنداد.

والمؤمنون أخلصوا دينهم لله -تعالى-الذي أصله المحبة لله تعالى، فلم يجعلوا لله عدلًا في المحبة، بل كان الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- أحب إليهم مما سواهما. (١)

قال الشيخ عبدالرحمن بن حسن:

فكل من اتخذ نداً لله -تعالى- يدعوه من دون الله -تعالى-ويرغب إليه ويرجوه لما يؤمله منه، من قضاء حاجاته وتفريج كرباته كحال عباد القبور والطواغيت والأصنام فلابد أن يعظموهم ويحبوهم لذلك، فإنهم أحبوهم مع الله -تعالى-

وإن كانوا يحبون الله تعالى، ويقولون لا إله إلا الله ويصلُّون ويصومون، فقد أشركوا في المحبة بمحبة غيره وعبادة غيره.

فاتخاذهم الأنداد يحبونهم كحب الله -تعالى- يبطل كل قول يقولونه وكل عمل يعملونه؛ لأن المشرك لا يقبل منه عمل، ولا يصح منه، وهؤلاء وإن قالوا " لا إله إلا الله " فقد تركوا كل قيد قيدت به هذه الكلمة. (٢)

٤ - الرابعة: شرك الطاعة:

وذلك بادعاء حق التشريع والتحليل والتحريم لغير الله سبحانه، فمن فعل ذلك فقد أثبت لله -تعالى- الند فى باب التشريع.

عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ - رضي الله عنه - قَالَ:

أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ:

" يَا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الْوَثَنَ، فَطَرَحْتُهُ، وَسَمِعْتُهُ " يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ:

{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ} حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا فَقُلْتُ:

إِنَّا لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ، فَقَالَ:

" أَلَيْسَ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللهُ فَتُحَرِّمُونَهُ؟ وَيُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَتَسْتَحِلُّونَهُ؟، قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: " فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ. " (٣)

ويدخل فى ذلك ما كان معروفاً عند مشركي العرب من تحريمهم ما أحل الله


(١) وانظر قاعدة في المحبة (ص: ٦٩) ودلالة الأسماء الحسنى على التنزيه (ص/٧٥)
(٢) فتح المجيد (ص: ١٠٦)
(٣) رواه الترمذي (٣٠٩٥) والطبري في "تفسيره" (١٤/ ٢١٠) وقد حسَّنه ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (٧/ ٦٧)، والألباني في "السلسلة الصحيحة " (٣٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>