للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-تعالى- بسخافات العقول الباطلة، قال تعالى (مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (١٠٣)) (المائدة: ١٠٣)

فكل من تحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد تحاكم

إلى الطاغوت الذي أمر الله - تعالى- عباده المؤمنين أن يكفروا به; فإن التحاكم

ليس إلا إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن كان يحكم بهما، فمن تحاكم إلى غيرهما فقد تجاوز به حده، وخرج عمَّا شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأنزله منزلة لا يستحقها. ويدخل فى هذا الباب كل من ندب إلى شيء يتقرب به إلى الله تعالى، أو أوجبه بقوله أو فعله من غير أن يشرعه الله عزوجل، ما لم يكن له تأويل سائغ يُعذر به. (١)

٥ - الخامسة: إدعاء القدرية خلق العباد لأفعالهم:

وقد وقع في ذلك القدرية نفاة القدر، الذين جعلوا العباد خالقين مع الله تعالى، ولهذا كانوا (مجوس هذه الأمة) (٢)، بل أردأ من المجوس من حيث أن المجوس أثبتوا خالقين، خالقاً للخير وخالقاً للشر، وأما هؤلاء فقد أشركوا جميع العباد في الخلق، فقالوا هم يخلقون أفعالهم، وخالفوا بذلك الكتاب والسنة وإجماع الأمة.

فإن الله -تعالى-خالق كل شيء، قال تعالى: (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٦٢)) [غافر: ٦٢]، وقال تعالى (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦)) (الصافات: ٩٦)

ومن جملة مخلوقاته أفعال العباد، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.

ولا يدل هذا على أن العبد ليس بفاعل على الحقيقة ولا مريداً ولا مختاراً، بل هو فاعل لفعله حقيقة، وأن إضافة الفعل إليه إضافة حق، وأنه يستوجب عليه المدح والذم والثواب


(١) وانظرفتح المجيد (ص/٤٢٩) وضوابط تكفير المعين (ص/٢٢٢) ومباحث الربوبية والقدر (ص/١٠٣)
(٢) رواه أبو داود (٤٦٩١)، والحاكم (٢٨٦). والحديث سكت عنه أبو داود. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين: إن صح سماع أبي حازم من ابن عمر ولم يخرجاه. وقال ابن القطان في "الوهم والإيهام " (٥/ ٤٤٥): صحيح، وقال الألباني في " صحيح سنن أبي داود": حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>