للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعقاب، لكن لا يدل هذا أنه واقع بغير مشيئة الله وقدرته.

فأفعالهم لله -تعالى- خلق ولهم كسب، ولا ينسب شيء من الخلق لغير الله تعالى، فيكون شريكاً ونداً ومساوياً له في نسبة الفعل إليه، وقد نهى الله سبحانه عن ذلك بقوله تعالى (فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢)) [البقرة: ٢٢]

وعليه فإنَّ القدرية داخلون تحت النهي الوارد فى هذه الأية، كما قددخل فيها المشركون.

*لذا فقد نبَّه ابن بطال على مقصود البخاري من ذكر حديث الباب فى كتاب التوحيد فقال:

غرضه في هذا الباب إثبات الأفعال كلها لله عَزَّ وَجَلَّ، كانت من المخلوقين خيرًا أو شرًّا، فهي لله -عَزَّ وَجَلَّ- خلق وللعباد كسب ولا ينسب شيء إلى غير الله تعالى فيكون شريكاً له ونداً مساوياً له في نسبة القول إليه، ونبَّه الله - تعالى -عباده على ذلك بقوله: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢٢] أنه الخالق لكم ولأفعالكم وأرزاقكم، رداً على من زعم من القدرية أنه يخلق أفعاله، فمن علم أن الله -تعالى- خلق كل شيء فقدَّره تقديراً، فلا ينسب شيئاً من الخلق إلى غيره. (١)

* ومن الحالات التى يكون اتخاذ الأنداد فيها شركاً أصغر:

قد ورد عن ابن عباس - رضي الله عنهما- في تفسير قوله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً} [البقرة: ٢٢] قال:

الأنداد هو الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاء سوداء، في ظلمة الليل، وهو أن يقول: والله وحياتك يا فلانة وحياتي، ويقول: لولا كلبة هذا لأتانا اللصوص، ولولا البط في الدار لأتى اللصوص، وقول الرجل لصاحبه:

ما شاء الله وشئتَ، وقول الرجل: لولا الله وفلان، فإن هذا كله به شرك. (٢)

فقد بيَّن ابن عباس-رضى الله عنهما- الحالات التى يقع فيها اتخاذ الأنداد شركاً أصغر،


(١) وانظرالتوضيح لشرح الجامع الصحيح (٣٣/ ٤٩٤) و شرح صحيح البخارى لابن بطال (١٠/ ٥٢١)
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (١/ ٨١)، وقال الشيخ سليمان آل الشيخ: "وسنده جيد". تيسير العزيز الحميد (٥٨٧)، وقال المحقق: "إسناده حسن".

<<  <  ج: ص:  >  >>